للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤَاخَذَ بِهِ كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُحَدُّ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ، لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ وَالْمُسْلِمُ يُحَدُّ.

وَمِنْهَا: تَفْضِيلُ مُعَامَلَتِهِمْ عَلَى مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّا إذَا قُلْنَا: لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ كَانَتْ مُعَامَلَتُهُمْ فِيمَا أَخَذُوهُ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ أَخَفَّ مِنْ مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِ، لِأَنَّهُ عَاصٍ بِذَلِكَ الْعَقْدِ، وَقَدْ نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يَنْهَ الْكَافِرَ.

وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: مَا يَأْخُذُهُ الْإِفْرِنْجُ مِنْ أَمْوَالِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا يَمْلِكُونَهُ بِالْقَهْرِ بِخِلَافِ أَخْذِهِمْ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَمْلِكُونَهَا بِالْقَهْرِ، فَيَكُونُ الْحَلَالُ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ أَوْسَعَ مِنْ الْحَلَالِ الَّذِي بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ.

وَظَهَرَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْخِلَافَ نَشَأَ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مُلْتَزَمٍ لِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ لَا مِنْ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ أَوْ لَا.

وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي " الْفُرُوقِ ": وَقَدْ جَزَمَ بِجَوَازِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْجُنُبِ. فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ الصَّحِيحُ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ كَالْمُسْلِمِينَ؟

قُلْنَا: التَّعْظِيمُ يَنْشَأُ وَيُتَصَوَّرُ مِنْ أَصْلِ الْعَقِيدَةِ، وَالْكَافِرُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ أَوْ لَا، وَفَائِدَةُ الْخِطَابِ زِيَادَةُ عُقُوبَتِهِمْ فِي الْآخِرَةِ.

قُلْت: وَلِهَذَا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَفَرَّعْنَا عَلَى وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَإِنَّا نُجْرِيهِمْ عَلَى أَحْكَامِنَا.

[التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ سُقُوط حَقّ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْكَافِر إذَا أَسْلَمَ]

[التَّنْبِيهُ] الرَّابِعُ [إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ سَقَطَ عَنْهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى]

أَنَّ الْقَائِلِينَ بِتَعَلُّقِ الْخِطَابِ بِهِمْ قَالُوا: يُشْتَرَطُ مَا وَجَبَ مِنْهَا عِنْدَ الْإِسْلَامِ. قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِ النَّذْرِ مِنْ " الْمَطْلَبِ "، ثُمَّ اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>