[الْمَذَاهِبُ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ الرَّاوِي إذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ]
ُ] الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَّحِدَ الْمَجْلِسُ، وَيَنْقُلَ بَعْضُهُمْ الزِّيَادَةَ، وَيَسْكُتَ بَعْضُهُمْ عَنْهَا، وَلَا يُصَرِّحُ بِنَفْيِهَا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَذَاهِبُ. أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ غَيَّرَتْ الْحُكْمَ الثَّابِتَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَوْجَبَ نَقْصًا ثَبَتَ بِخَبَرٍ لَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الزِّيَادَةُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ بِأَنْ رَوَاهُ مَرَّةً نَاقِصًا، وَمَرَّةً بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ، أَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ غَيْرِ مَنْ رَوَاهُ نَاقِصًا، وَهِيَ كَالْحَدِيثِ التَّامِّ، يَنْفَرِدُ بِهِ الثِّقَةُ، فَالزِّيَادَةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ، بَلْ تَابِعَةٌ، وَقَدْ قَبِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرَ الْأَعْرَابِيِّ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، مَعَ انْفِرَادِهِ بِرُؤْيَتِهِ، وَقَبِلَ خَبَرَ ذِي الْيَدَيْنِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِنْ انْفَرَدُوا عَنْ جَمِيعِ الْحَاضِرِينَ.
قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسْنِدَ الرَّاوِي لِلزِّيَادَةِ وَالتَّارِكِ لَهَا مَا رَوَيَاهُ إلَى مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ إلَى مَجْلِسَيْنِ، أَوْ يُطْلِقَا إطْلَاقًا. فَتُقْبَلُ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّ التَّارِكَ لِلزِّيَادَةِ لَوْ كَانُوا جَمَاعَةً لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ الْغَفْلَةُ عَنْهَا، وَكَانَ الْمَجْلِسُ وَاحِدًا أَنْ لَا يَقْبَلَ رِوَايَةَ رَاوِي الزِّيَادَةِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ ": إنَّمَا يُقْبَلُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَنْ نَقَلَ الزِّيَادَةَ وَاحِدٌ، وَمَنْ رَوَاهُ نَاقِصًا جَمَاعَةٌ، لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ الْوَهْمُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ سَقَطَتْ، هَذَا إذَا رَوَيَاهُ عَنْ مَجْلِسٍ وَاحِدٍ. قَالَ: فَإِنْ رَوَيَاهُ عَنْ مَجْلِسَيْنِ فَإِنْ كَانَا خَبَرَيْنِ عُمِلَ بِهِمَا، قَالَ: فَإِنْ كَانَ النَّاقِلُ لَهَا عَدَدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute