الثَّالِثُ: وَحَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ اخْتِيَارِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ، أَنَّهُ إنْ كَانَ الْقَائِلُ لِذَلِكَ عَالِمًا أَجْزَأَ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ يُوَافِقُهُ فِي مَذْهَبِهِ. كَقَوْلِ مَالِكٍ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ، وَكَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ ابْنِ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ، فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يُورِدْ ذَلِكَ احْتِجَاجًا بِالْخَبَرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ لِأَصْحَابِهِ قِيَامَ الْحُجَّةِ عِنْدَهُ عَلَى الْحُكْمِ وَقَدْ عَرَفَ هُوَ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
[الْمُرَادُ بِالثِّقَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ]
[الْمُرَادُ بِالثِّقَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ] وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنَّمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ لِبَيَانِ مَذْهَبِهِ، وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِمَّا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْ الْخَبَرِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ احْتِجَاجًا عَلَى غَيْرِهِ. وَقِيلَ: إنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْلَمَ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ، وَلِهَذَا قِيلَ فِي بَعْضِهِمْ: إنَّهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَفِي بَعْضِهِمْ عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ، وَفِي بَعْضِهِمْ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ وَغَيْرُهُمْ، وَقِيلَ: إنَّهُ ذُكِرَ فِيمَا يَثْبُتُ مِنْ طُرُقٍ مَشْهُورَةٍ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: وَأَمَّا تَعْبِيرُ الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ فَقَدْ اُشْتُهِرَ أَنَّهُ يَعْنِي بِهِ إبْرَاهِيمَ بْنَ إسْمَاعِيلَ، فَصَارَ كَالتَّسْمِيَةِ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ: إنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مَالِكًا. وَقِيلَ: بَلْ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ، إلَّا أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْقَدَرَ، فَاحْتَرَزَ عَنْ التَّصْرِيحِ بِاسْمِهِ لِهَذَا الْمَعْنَى. اهـ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute