للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تَنْبِيهٌ الْجَزْمُ بِمَنْعِ حَذْفِ الصِّفَةِ مُشْكِلٌ]

ٌ] مَا جَزَمُوا بِهِ مِنْ مَنْعِ حَذْفِ الصِّفَةِ مُشْكِلٌ، فَقَدْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ نَظِيرُهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: ٩٥] وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا} [الحجر: ٦٥] وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ. وَكَذَلِكَ، {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢] فِي سُبْحَانَ، وَفِي الْحِجْرِ، {إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ} [الحجر: ٤٢] وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: ١٠] فَقَدْ يُقَالُ: إنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي جَوَازَ حَذْفِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْخَبَرِ أَيْضًا، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمَحْذُوفِ فِي الْآيَةِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي آلِ عِمْرَانَ {إِلا رَمْزًا} [آل عمران: ٤١] وَجَوَابُهُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الرَّمْزَ لَيْسَ بِكَلَامٍ، فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ إطْلَاقِ امْتِنَاعِ حَذْفِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمُتَّصِلِ.

[فَائِدَةٌ هَلْ يَجُوزُ إسْقَاطُ حَرْفِ الْعَطْفِ مِنْ الْآيَةِ عِنْدَ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا]

؟] وَقَعَ الْبَحْثُ فِي أَنَّهُ إذَا اسْتَدَلَّ بِآيَةٍ، هَلْ يَجُوزُ تَغْيِيرُ لَفْظِهَا بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَسْتَقِيمُ الْمَعْنَى بِدُونِهِ؟ ظَاهِرُ تَصَرُّفِ الْفُقَهَاءِ جَوَازُهُ، فَفِي " الْوَسِيطِ " فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: ٧٢] ، وَفِي كِتَابِ الْبَيْعِ {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ إلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْفَاذَّةُ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ» وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ: «إذَا خَطَبَ إلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» ) وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِفْتَاحِ: (وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>