مَعَ صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهَا فِي الْكُلِّ، خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَحْتَجُّ بِهَا إلَّا فِي كَلَامِ الرَّاوِي الْفَقِيهِ، وَهَذَا بَحْثٌ تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَيْسَ قَوْلًا. وَزَعَمَ الْآمِدِيُّ أَنَّ الْوَارِدَ فِي كَلَامِ اللَّهِ أَقْوَى مِنْ الْوَارِدِ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالْحَقُّ تَسَاوِيهِمَا، وَبِهِ صَرَّحَ الْهِنْدِيُّ، لِعَدَمِ احْتِمَالِ تَطَرُّقِ الْخَطَأِ إلَيْهِمَا.
[الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ الْإِيمَاءُ وَالتَّنْبِيهُ]
وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْعِلِّيَّةِ بِالِالْتِزَامِ، لِأَنَّهُ يَفْهَمُهَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لَا اللَّفْظِ، وَإِلَّا لَكَانَ صَرِيحًا، وَوَجْهُ دَلَالَتِهِ أَنَّ ذِكْرَهُ مَعَ الْحُكْمِ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ لَا لِفَائِدَةٍ، لِأَنَّهُ عَبَثٌ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لِفَائِدَةٍ، وَهِيَ إمَّا كَوْنُهُ عِلَّةً أَوْ جُزْءَ عِلَّةٍ أَوْ شَرْطًا، وَالْأَظْهَرُ كَوْنُهُ عِلَّةً لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ فِي تَصَرُّفِ الشَّارِحِ. وَهُوَ أَنْوَاعٌ.
أَحَدُهَا: ذِكْرُ الْحُكْمِ السُّكُوتِيِّ أَوْ الشَّرْعِيِّ عَقِبَ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ لَهُ، وَتَارَةً يَقْتَرِنُ بِ (أَنْ) ، وَتَارَةً بِالْفَاءِ، وَتَارَةً يُذْكَرُ مُجَرَّدًا. فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: ٨٩]- إلَى قَوْلِهِ: {خَاشِعِينَ} وَقَوْلِهِ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: ٤٥] . . . الْآيَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute