الثَّانِي: ذَكَرَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ الَّتِي [لَا] تُجْمِعُ الْأُمَّةُ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا، أَمَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ: «لَا مِيرَاثَ لِقَاتِلٍ، وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَكَنَهْيِهِ عَنْ الْجَمْعِ، فَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِهِ قَطْعًا، وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالتَّخْصِيصِ بِالْمُتَوَاتِرِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى حُكْمِهَا، وَلَا يَضِيرُ عَدَمُ انْعِقَادِهِ عَلَى رِوَايَتِهَا. وَقَدْ سَبَقَ فِي كَلَامِ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنَّهُ أَلْحَقَ هَذَا الْقِسْمَ بِالْمُتَوَاتِرِ. وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ فِي كِتَابِهِ: خَبَرُ الْوَاحِدِ يُخَصُّ بِهِ ظَاهِرُ الْكِتَابِ عِنْدَنَا، إذَا كَانَ لَمْ يَجْتَمِعْ عَلَى تَخْصِيصِهِ كَآيَةِ الرَّضَاعِ، فَإِنْ أُجْمِعَ عَلَى تَخْصِيصِهِ جَازَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِيمَا عَدَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ كَآيَةِ السَّرِقَةِ وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
[الثَّانِيَةُ يَجُوزُ تَخْصِيصُ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]
ِ، وَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ " وَغَيْرُهُمَا، فَإِنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ ذَلِكَ، غَلَطٌ.
فَرْعٌ:
هَلْ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي حُجِّيَّتِهَا، فَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ امْتَنَعَ، أَوْ حُجَّةً فَكَخَبَرِ الْوَاحِدِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيَّ تَجْوِيزَهُ إذَا اشْتَهَرَتْ وَاسْتَفَاضَتْ. قَالَ: وَلِهَذَا أَخَذْنَا بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُتَتَابِعَاتٍ، وَمَنَعْنَا بِهِ إطْلَاقَ مَا فِي بَاقِي الْآيَةِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ كَالْخَبَرِ سَوَاءً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute