الثَّالِثُ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى " الْمُسْتَصْفَى ": يَنْبَغِي تَحَقُّقُ الْمُرَادِ بِاللَّقَبِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُرْتَجَلَ فَقَطْ، بَلْ الْمُرْتَجَلُ وَالْمَنْقُولُ مِنْ الصِّفَاتِ. وَقَدْ جَعَلَ الْغَزَالِيُّ مِنْهُ: لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ، لِأَنَّ الطَّعَامَ لَقَبٌ لِجِنْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِمَّا يُطْعَمُ إذْ لَا يُدْرَكُ فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ: فِي الْغَنَمِ زَكَاةٌ، وَفِي الْمَاشِيَةِ زَكَاةٌ، وَإِنْ كَانَتْ " الْمَاشِيَةُ " مُشْتَقَّةً. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ إلْحَاقِ الِاسْمِ الْمُشْتَقِّ الدَّالِّ عَلَى الْجِنْسِ بِاللَّقَبِ تَبِعَهُ عَلَيْهِ الْآمِدِيُّ، لِأَنَّ الصِّفَةَ فِيهِ لَيْسَتْ مُتَخَيَّلَةً، إذْ الطَّعَامُ لَا يُنَاسِبُ حُكْمَ الرِّبَا. لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: يَلْحَقُ بِالصِّفَةِ الصَّرِيحَةِ وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّ الْمُشْتَقَّ يَتَضَمَّنُ صِفَةً. وَجَزَمَ بِهِ سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ "، وَجَعَلَ الْآمِدِيُّ اسْمَ الْجِنْسِ وَالْعَلَمَ مِنْ بَابِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ. قَالَ: لِتَخْصِيصِ الرِّبَوِيَّاتِ السِّتَّةِ بِتَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ، وَقَوْلُنَا: زَيْدٌ عَالِمٌ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: قَالَ التَّبْرِيزِيُّ: اللَّقَبُ كَالْأَعْلَامِ، وَأَلْحَقَ بِهَا أَسْمَاءَ الْأَجْنَاسِ. قَالَ: وَغَيْرُهُ أَطْلَقَ فِي الْجَمِيعِ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ لِلْآمِدِيِّ.
[تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ]
قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَأَمَّا تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ فَضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ مَعْنًى كَالْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ، وَالزَّانِي، وَالْقَاتِلِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصِّفَةِ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْظُرُ فِي الِاسْمِ الْمُشْتَقِّ. فَإِنْ كَانَ لِمَعْنَى اشْتِقَاقِهِ تَأْثِيرٌ فِي الْحُكْمِ اسْتَعْمَلَ دَلِيلَ خِطَابِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْحُكْمِ لَمْ يَسْتَعْمِلْ دَلِيلَ خِطَابِهِ. فَإِنْ مَا لَا يُؤَثِّرْ فِي الْحُكْمِ لَا يَكُونُ عِلَّةً فِي الْحُكْمِ.
وَالثَّانِي: اسْمُ لَقَبٍ غَيْرِ مُشْتَقٍّ مِنْ مَعْنًى كَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ حُجَّةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute