للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - نَبِيًّا نَبِيًّا - مَا شَاءَ أَنْ يُعَلِّمَهُ حَتَّى انْتَهَى الْأَمْرُ إلَى نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَآتَاهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا، ثُمَّ قَرَّ الْأَمْرُ قَرَارَهُ، فَلَا نَعْلَمُ لُغَةً مِنْ بَعْدِهِ حَدَثَتْ.

[الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ]

[التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ] [الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ]

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: اخْتَلَفُوا فِي أَيِّ الْأَسْمَاءِ عَلَّمَ اللَّهُ آدَمَ؟ فَقِيلَ: جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ حَقِيرِهَا وَجَلِيلِهَا، وَقِيلَ: أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ، وَقِيلَ: عُلِّمَ الْأَسْمَاءَ بِكُلِّ لُغَةٍ تَكَلَّمَتْ بِهَا ذُرِّيَّتُهُ، وَقَدْ غَلَا قَوْمٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَتَّى حَكَى ابْنُ جِنِّي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ: عَلَّمَ اللَّهُ آدَمَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَنَّهُ كَانَ يُحْسِنُ مِنْ النَّحْوِ مِثْلَ مَا أَحْسَنَ سِيبَوَيْهِ، وَنَحْوَ هَذَا مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي هُوَ بَيِّنُ الْخَطَأِ.

وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: عَلَّمَهُ مَنَافِعَ كُلِّ شَيْءٍ وَمَا يَصْلُحُ.

[التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ]

إنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُوجِبُ الظَّنَّ بِأَنْ لَا فَائِدَةَ لِلْخَوْضِ فِيهِ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا تَكْمِيلُ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الصِّنَاعَةِ إذْ مُعْظَمُ النَّظَرِ فِيهَا يَتَعَلَّقُ بِدَلَالَةِ الصِّيَغِ، أَوْ جَوَازُ قَلْبِ مَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالشَّرْعِ فِيهَا، كَتَسْمِيَةِ الْفَرَسِ ثَوْرًا، وَالثَّوْرِ فَرَسًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْخِلَافُ فِيهَا طَوِيلُ الذَّيْلِ قَلِيلُ النَّيْلِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَعْرِفَةُ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الشَّرِيعَةِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ، لِأَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>