للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْهِنْدِيُّ: وَالْقَائِلُونَ بِعَدَمِ دُخُولِ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ إنْ زَعَمُوا أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ فَهُوَ مُكَابَرَةٌ، وَإِنْ زَعَمُوا التَّنَاوُلَ لَكِنَّ الرِّقَّ وَالْكُفْرَ فِي الشَّرْعِ خَصَّصَهُمْ فَهُوَ بَاطِلٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُمَا مُكَلَّفَانِ فِي الْجُمْلَةِ.

[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْخِطَابُ بِيَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا يَشْمَلُ الْأُمَّةَ إلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ]

[الْمَسْأَلَةُ] الرَّابِعَةُ

الْخِطَابُ " بِيَا أَهْلَ الْكِتَابِ " لَا يَشْمَلُ الْأُمَّةَ إلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، لِأَنَّ اللَّفْظَ قَاصِرٌ عَلَيْهِمْ، قَالَ أَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي مُسَوَّدَتِهِ الْأُصُولِيَّةِ هُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: خِطَابٌ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَقَوْلِهِ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: ١٧١] {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} [البقرة: ٤٠] فَهَذَا حُكْمُ سَائِرِ النَّاسِ فِيهِ حُكْمُ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ إنْ شَارَكُوهُمْ فِي الْمَعْنَى دَخَلُوا وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ صِنْفٌ مِنْ الْمَأْمُورِينَ بِالْقُرْآنِ، نَظِيرُ خِطَابِهِ لِوَاحِدٍ مِنْ الْأُمَّةِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي حَقِّ مِثْلِهِ، ثُمَّ هَلْ عَمَّ عُرْفًا أَوْ عَقْلًا؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ.

وَالثَّانِي: خِطَابُهُ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُوسَى وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَهِيَ مَسْأَلَةُ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا، وَالْحُكْمُ هُنَا لَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ الْخَطَّابِيِّ قَطْعًا، لَكِنْ يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ الْعَقْلِيِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ} [يوسف: ١١١] وَقَوْلُهُ: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: ٢] وَنَحْوُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُمُومَ يَكُونُ تَارَةً لِلْأَشْخَاصِ، وَتَارَةً لِلْأَفْعَالِ، وَفِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ يَعُمُّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>