الرَّابِعُ مِنْ التَّنْبِيهَاتِ
سَبَقَ عَنْ إلْكِيَا أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، فَإِنَّ أَبَا هَاشِمٍ لَا يَمْنَعُ الْإِقْدَامَ لَكِنَّ أَبَا هَاشِمٍ بَنَاهُ عَلَى مَأْخَذٍ لَهُ كَلَامِيٍّ، وَهُوَ أَنَّ الْأَمْرَ تُلَازِمُهُ الْإِرَادَةُ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ انْتِقَاءَ الشَّرْطِ لَمْ يَتَصَوَّرْ أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِلْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ طَلَبُهُ عَلَى شَرْطٍ، وَنَحْنُ نُخَالِفُهُمْ فِي الْأَصْلِ، فَلِهَذَا خَالَفْنَاهُ فِي الْفَرْعِ.
وَحَاصِلُ الْخِلَافِ: يَرْجِعُ إلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ الِامْتِثَالِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي تَوَجُّهِ الْخِطَابِ أَوْ شَرْطٌ فِي إيقَاعِ الْفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِهِ وَحُصُولِهِ؟ فَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ أَوْ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الشُّرُوعُ فِي الْعِبَادَةِ لَا عَلَى أَنَّهُ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ، فَإِنَّ الْقَطْعَ بِذَلِكَ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِبَقَائِهِ بِكَوْنِهِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ لِإِمْكَانِ الْمَوْتِ بَلْ بِنَاءً عَلَى الظَّنِّ الْغَالِبِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَاسْتِمْرَارُ الْقُدْرَةِ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ إتْمَامِ الْعِبَادَةِ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى رَأْيِنَا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْأَمْرِ بَلْ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْإِتْمَامِ.
[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَنْتَفِي شَرْطُ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ]
الْفِعْلُ الَّذِي يَنْتَفِي شَرْطُ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ إنْ جَهِلَ الْآمِرُ انْتِفَاءَهُ، كَالْوَاحِدِ مِنَّا يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْمَأْمُورِ عَلَى صِفَاتِ التَّكْلِيفِ فَيَصِحُّ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ، لِانْطِوَاءِ الْغَيْبِ عَنَّا.
قَالَ الْهِنْدِيُّ: وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ إشْعَارٌ بِالْخِلَافِ فِيهِ، وَإِنْ عَلِمَ انْتِفَاءَهُ كَمَا إذَا أَمَرَ اللَّهُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَوْتَهُ فِي رَمَضَانَ، فَهَلْ يَصِحُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute