مَسْأَلَةٌ إذَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بِأَحَدِ هَذِهِ الدَّلَائِلِ، فَهَلْ يَكُونُ مُنْعَقِدًا عَلَى الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالدَّلِيلِ، أَوْ مُنْعَقِدًا عَلَى الدَّلَائِلِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُكْمِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، حَكَاهُ صَاحِبُ الْقَوَاطِعِ. قَالَ: فَذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْأَشْعَرِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يَنْعَقِدُ عَلَى الدَّلَائِلِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُكْمِ، وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ إلَى أَنَّهُ يَنْعَقِدُ عَلَى الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ الدَّلَائِلِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الدَّلِيلِ، وَلِأَجْلِهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ.
[الْإِجْمَاعُ الْوَاقِعُ عَلَى وَفْقِ خَبَرٍ هَلْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ الْخَبَرِ]
[الْإِجْمَاعُ الْوَاقِعُ عَلَى وَفْقِ خَبَرٍ، هَلْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ الْخَبَرِ؟] . قَالَ: وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا مَسْأَلَةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ الْوَاقِعَ عَلَى وَفْقِ خَبَرٍ مِنْ الْأَخْبَارِ، هَلْ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى صِحَّتِهِ؟ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إذَا عُلِمَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا لِأَجْلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ إجْمَاعَهُمْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْحُكْمِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْخَبَرِ. قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اتَّفَقُوا عَلَى الْعَمَلِ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ ثَابِتٌ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَهَذَا التَّعَبُّدُ ثَبَتَ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ، فَلِأَجْلِ التَّعَبُّدِ الثَّابِتِ أَجْمَعُوا عَلَى مُوجَبِ الْخَبَرِ، وَصَارَ الْحُكْمُ مَقْطُوعًا بِهِ؛ لِأَجْلِ إجْمَاعِهِمْ. فَإِنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ، وَلَا دَلِيلَ غَيْرَهُ، كَانَ انْعِقَادُهُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ انْعَقَدَ عَنْ دَلِيلٍ مُوجِبٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَغْنَوْا بِالْإِجْمَاعِ عَنْ نَقْلِ الدَّلِيلِ، وَاكْتَفَوْا بِهِ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْوَجِيزِ ": إذَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ، وَكَانَ دَلِيلُهُ مَجْهُولًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute