[مَسْأَلَةٌ الْحَرَامُ وَالْوَاجِبُ مُتَنَاقِضَانِ]
ِ) قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَرَامَ وَالْوَاجِبَ مُتَنَاقِضَانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ، فَالْحَرَامُ بِالشَّخْصِ لَا يَكُونُ حَرَامًا وَوَاجِبًا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا إذَا جَوَّزْنَا تَكْلِيفَ الْمُحَالِ لِذَاتِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاحِدَ يُقَالُ بِالتَّشْكِيكِ عَلَى الْوَاحِدِ بِالْجِنْسِ، وَعَلَى الْوَاحِدِ بِالنَّوْعِ، وَعَلَى الْوَاحِدِ بِالشَّخْصِ، فَأَمَّا الْوَاحِدُ بِالنَّوْعِ، كَمُطْلَقِ السُّجُودِ، فَاخْتَلَفُوا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِهِ وَمَنْهِيًّا عَنْهُ، بِمَعْنَى أَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِهِ وَاجِبٌ وَبَعْضَهَا حَرَامٌ؟ فَجَوَّزَهُ الْجُمْهُورُ، وَاحْتَجُّوا بِوُقُوعِهِ، فَإِنَّ السُّجُودَ لِلَّهِ وَاجِبٌ، وَلِلصَّنَمِ حَرَامٌ بَلْ كُفْرٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ} [فصلت: ٣٧] فَالسُّجُودُ نَوْعٌ وَاحِدٌ قَدْ أُمِرَ بِبَعْضِهِ، وَنُهِيَ عَنْ بَعْضِهِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ تَعْظِيمُ الصَّنَمِ لَا نَفْسُ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ لِنَصِّ الْآيَةِ؛ وَلِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ عَلَى أَنَّ السَّاجِدَ لِلصَّنَمِ عَاصٍ بِنَفْسِ السُّجُودِ وَالْقَصْدِ جَمِيعًا عَلَى مَا حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَحْرُمُ السُّجُودُ، بَلْ الْمُحَرَّمُ الْقَصْدُ إلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ: أَنَّ أَفْرَادَ النَّوْعِ لَا تَخْتَلِفُ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، وَأَمَّا الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ: أَيْ الْوَاحِدِ الْمُعَيَّنِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَيْسَ لَهُ إلَّا جِهَةٌ وَاحِدَةٌ، أَوْ لَهُ جِهَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا خِلَافَ فِي امْتِنَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute