بِهِ، فَإِذَا خَصَّصْنَا الْحُكْمَ بِالرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ مَنَعْنَا إجْزَاءَ الْكَافِرَةِ، وَمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ إجْزَاؤُهَا إنْ وَقَعَ الْعِتْقُ بِهَا، فَاَلَّذِي فَعَلْنَاهُ خِلَافُ مُقْتَضَاهُ.
قَالَ: فَتَنَبَّهْ لِهَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَرِدُ عَلَيْك مِنْ أَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إذَا كَانَ الْإِطْلَاقُ فِي الْأَحْوَالِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَقْتَضِي الْحَمْلُ عَلَى الْبَعْضِ فِيهِ عَوْدَ التَّخْصِيصِ إلَى مَحَلِّ الْعُمُومِ، هِيَ الْأَشْخَاصُ أَوْ مُخَالَفَةُ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ عِنْدَ الْحَمْلِ، فَالْحُكْمُ بِعَدَمِ التَّقْيِيدِ، لِوُجُودِ الْوَفَاءِ بِمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ أَوْ الْعُمُومِ إلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، أَمَّا إذَا كَانَ الْإِطْلَاقُ فِي صُورَةٍ لَا تَقْتَضِي مُخَالَفَةَ صِيغَةِ الْعُمُومِ وَلَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ فَالْكَلَامُ صَحِيحٌ.
وَيَتَعَدَّى النَّظَرُ بَعْدَ الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا ذَكَرْنَا إلَى أَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالْعُمُومِ، فَإِنْ اقْتَضَى إخْرَاجَ بَعْضِ الصُّوَرِ وَعَدَمَ الْجَرْيِ عَلَى ظَاهِرِ الْعُمُومِ، وَجَبَ أَنْ يَنْظُرَ فِي قَاعِدَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ إذَا قُصِدَ بِهِ مُعَيَّنٌ، فَهَلْ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ أَوْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَلَا حَاجَة بِنَا إلَى هَذَا، وَإِلَّا احْتَجْنَا إلَى النَّظَرِ فِيهَا بَعْدَ الِانْتِهَاءِ بِمُقْتَضَى صِيغَةِ الْعُمُومِ، وَأَنَّ الْوَفَاءَ بِمُقْتَضَاهَا وَاجِبٌ، فَهَذَا مَا عِنْدِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَاَلَّذِي يُزِيدُهُ وُضُوحًا أَنَّ اللَّفْظَ إذَا كَانَ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَصِحَّ التَّمَسُّكُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُمُومَاتِ أَوْ أَكْثَرِهَا، إذْ مَا مِنْ عَامٍّ إلَّا وَلَهُ أَحْوَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الذَّوَاتِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْعُمُومُ، فَإِذَا اكْتَفَيْنَا فِي الْعَمَلِ بِحَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ تَعَذَّرَ الِاسْتِدْلَال بِغَيْرِهِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ النَّاسُ.
[مَسْأَلَةٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ الْمُكَلَّفُ اللَّفْظَ الْعَامَّ وَلَا يَبْلُغُهُ الْمُخَصِّصُ]
إذَا ثَبَتَ أَنَّ لِلْعُمُومِ صِيغَةً بِالْمَعْنَى السَّابِق، قَالَ الْقَاضِي فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute