للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ يُمَثَّلُ لِهَذِهِ الْحَالَةِ بِقَوْلِهِ: «الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ» إذَا قُلْنَا: النِّكَاحُ مُشْتَرَكٌ، فَإِنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْوَطْءِ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ مَعْنًى وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَطَأُ وَلَا يُوطَأُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعَقْدِ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ شَيْئَانِ بَيْنَهُمَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ: وَهُوَ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ، وَلَا لِغَيْرِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَيُعْمَلَ بِهِ قَطْعًا، لِأَنَّهُ مُرَادٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمَعْنَى الْآخَرِ. وَقَدْ يُمَثَّلُ لِهَذِهِ الْحَالَةِ بِقَوْلِهِ: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا» فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا فَتَعْقِدُ عَلَى نَفْسِهَا، كَمَا يَقُولُ بِهِ الْخُصُومُ، أَوْ أَنَّهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا، فَتُمَكَّنُ مِنْ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَأْذَنَ لِمَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ تَعْقِدَ بِنَفْسِهَا، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إذَا كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ لَا وَلِيَّ فِيهِ، وَلَا حَاكِمَ، وَكَذَا قَوْلُهُ: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُهُ» يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ مِقْدَارَ الْوَاجِبِ، أَوْ مِقْدَارَ مَا يَجِبُ فِيهِ، أَوْ مِقْدَارَ الْوَاجِبِ خَاصَّةً. .

[مَسْأَلَةٌ الَّذِي لَهُ مُسَمًّى شَرْعِيٌّ هَلْ هُوَ مُجْمَلٌ]

مَا لَهُ مُسَمًّى شَرْعِيٌّ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، بَلْ اللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّرْعِيِّ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بُعِثَ لِبَيَانِ الشَّرِيعَةِ لَا اللُّغَةِ، وَلِأَنَّ الشَّرْعَ طَارِئٌ عَلَى اللُّغَةِ وَنَاسِخٌ لَهَا، فَالْحَمْلُ النَّاسِخُ الْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى، وَلِهَذَا ضَعَّفُوا قَوْلَ مَنْ حَمَلَ الْوُضُوءَ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ عَلَى النَّظَافَةِ بِغَسْلِ الْيَدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>