للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الثَّامِنَةُ مِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى أَنَّ النَّكِرَةَ الْمَنْفِيَّةَ لِلْعُمُومِ نَفْيَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ]

ِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الحشر: ٢٠] فَهُوَ عَامٌّ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ يَقْتَضِي نَفْيَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، حَتَّى احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا عَلَى امْتِنَاعِ الْقِصَاصِ مِنْ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الِاسْتِوَاءَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَفَاهُ.

وَخَالَفَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَمَنَعُوا عُمُومَهُ، وَبِهِ قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ. وَوَافَقَهُمْ الْغَزَالِيُّ، وَصَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " وَ " الْمَحْصُولِ " لِأَنَّ نَفْيَ الِاسْتِوَاءِ الْمُطْلَقِ لَا يَحْتَمِلُ نَفْيَ الِاسْتِوَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْأَعَمَّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ، وَهُوَ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي جَانِبِ الثُّبُوتِ، أَمَّا فِي النَّفْيِ فَيَدُلُّ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْعَامِّ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْخَاصِّ وَهُوَ نَفْيُ الْحَقِيقَةِ الْعَامَّةِ، فَتَنْتَفِي جُزْئِيَّاتُهَا.

وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْإِثْبَاتِ، هَلْ مَدْلُولُهَا لُغَةً: الْمُشَارَكَةُ فِي كُلِّ الْوُجُوهِ حَتَّى يَكُونَ اللَّفْظُ شَامِلًا؟ أَوْ مَدْلُولُهَا الْمُسَاوَاةُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ حَتَّى يَصْدُقَ بِأَيِّ وَجْهٍ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ النَّفْيُ لِلْعُمُومِ؛ لِأَنَّ نَقِيضَ الْكُلِّيِّ الْمُوجَبِ جُزْئِيٌّ سَالِبٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي كَانَ لِلْعُمُومِ، لِأَنَّ نَقِيضَ الْجُزْئِيِّ الْمُوجَبِ كُلِّيٌّ سَالِبٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ صِيغَةَ " لَا يَسْتَوِي " عُمُومُ سَلْبِ التَّسْوِيَةِ أَوْ سَلْبُ عُمُومِ التَّسْوِيَةِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَمْتَنِعُ ثُبُوتُ شَيْءٍ مِنْ أَفْرَادِهَا، وَعَلَى الثَّانِي لَا يَمْتَنِعُ ثُبُوتُ الْبَعْضِ.

فَإِنْ قُلْت: فَهَذَا يُرَجِّحُ مَذْهَبَهُمْ، لِأَنَّ حَرْفَ النَّفْيِ سَابِقٌ، وَهُوَ شَرْطٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>