وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَتْبَاعُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ إتْبَاعًا لِمُوجِبِ الصِّيغَةِ، وَلَا يَخْرُجُونَ إلَّا بِدَلِيلٍ، كَمَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَإِلْكِيَا الطَّبَرِيِّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ مُعْظَمِ أَصْحَابِهِمْ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ: قَدْ جَعَلَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ الظَّوَاهِرِ بِالتَّرْجِيحِ لِلْأَحْرَارِ إذْ كَانَ أَكْثَرُ الْخِطَابِ فِي الشَّرْعِ مَخْصُوصًا بِهِمْ، فَتَوَهَّمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَيْنِ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا جُعِلَ فِي الْأَحْرَارِ بِالتَّرْجِيحِ عَلَى حَمَلَةِ الشَّرْعِ.
وَفَصَّلَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِحَقِّ اللَّهِ فَيَشْمَلُهُمْ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الْآدَمِيِّينَ فَلَا، وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ شَهَادَةُ الْعَبِيدِ، وَلِأَنَّ اسْتِغْرَاقَهُمْ بِحُقُوقِ السَّادَةِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى امْتِيَازِهِمْ عَنْ حُكْمِ الْعُمُومِ، وَحَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَحَكَاهُ الْبَاجِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ مِنْهُمْ، وَفِي دُخُولِ الْمُبَعَّضِ كَلَامٌ سَبَقَ فِي بَحْثِ التَّكْلِيفِ.
[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ دُخُولُ الْكَافِرِ فِي الْخِطَابِ الصَّالِحِ لَهُ وَلِلْمُؤْمِنِينَ إذَا وَرَدَ مُطْلَقًا]
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّالِثَةُ
الْأَكْثَرُ كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ دُخُولُ الْكَافِرِ فِي الْخِطَابِ الصَّالِحِ لَهُ وَلِلْمُؤْمِنِينَ إذَا وَرَدَ مُطْلَقًا، كَيَا أَيُّهَا النَّاسُ، يَا أُولِي الْأَلْبَابِ، فَيَعُمُّ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَحَدٌ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَقِيلَ يَدْخُلُونَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ دُونَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ التَّكْلِيفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute