للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاطِّرَادَ وَالِانْعِكَاسَ مِنْ بَابِ الْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ وَمِنْ قَبِيلِ تَنْبِيهِ الشَّرْعِ عَلَى نَصْبِهِ ضَابِطًا لِخَاصَّةٍ فَعُلِّقَتْ بِهِ. وَمِمَّا يُتَنَبَّهُ لَهُ أَنَّ مَا يُوجَدُ الْحُكْمُ بِوُجُودِهَا وَيَنْعَدِمُ بِعَدَمِهَا، كَالْإِحْصَانِ، فَلَيْسَ بِتَعْلِيلٍ اتِّفَاقًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الطَّرْدَ وَالْعَكْسَ إنَّمَا كَانَ تَعْلِيلًا لِلْإِشْعَارِ بِاجْتِمَاعِ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ فِي مَعْنًى مُؤَثِّرٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ، فَكَانَ الِاطِّرَادُ مِنْ الشَّارِعِ تَنْبِيهًا عَلَى وُجُودِ مَعْنًى جُمَلِيٍّ اقْتَضَى الِاجْتِمَاعَ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْمَعْنَى الظَّاهِرِ، فَإِنَّ الْإِيهَامَ لَا مِيزَانَ لَهُ مَعَ وُجُودِ الْمَعْنَى الْمُصَرَّحِ بِهِ.

الثَّانِي: أَنْ يَتَجَرَّدَ الْوَصْفُ، فَأَمَّا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ سَبْرٌ وَتَقْسِيمُ قَالَ فِي " الْمُسْتَصْفَى ": يَكُونُ حِينَئِذٍ حُجَّةً، كَمَا لَوْ قَالَ: هَذَا الْحُكْمُ لَا بُدَّ [لَهُ] مِنْ عِلَّةٍ، لِأَنَّهُ حَدَثَ بِحُدُوثِ حَادِثٍ، وَلَا حَادِثَ يُمْكِنُ أَنْ يُعَلَّلَ بِهِ إلَّا كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَطَلَ الْكُلُّ إلَّا هَذَا فَهُوَ الْعِلَّةُ. وَمِثْلُ هَذَا السَّبْرِ حُجَّةٌ فِي الطَّرْدِ الْمَحْضِ، وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْعَكْسُ.

فَائِدَةٌ:

الدَّوْرُ يَسْتَلْزِمُ الْمَدَارَ وَالدَّائِرَ، فَالْمَدَارُ هُوَ الْمُدَّعَى عِلِّيَّتُهُ، كَالْقَتْلِ الْمَوْصُوفِ، وَالدَّائِرُ هُوَ الْمُدَّعَى مَعْلُولِيَّتُهُ كَوُجُوبِ الْقِصَاصِ.

[الْمَسْلَكُ التَّاسِعُ الطَّرْدُ]

ُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ كَوْنَ الْعِلَّةِ لَا تَنْتَقِضُ فَذَاكَ مَقَالُ الْعَكْسِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ لَا تَكُونَ عِلَّتُهُ مُنَاسِبَةً وَلَا مُؤَثِّرَةً. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّوَرَانِ أَنَّ ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُقَارَنَةِ وُجُوبًا وَعَدَمًا. وَهَذَا مُقَارِنٌ فِي الْوُجُودِ دُونَ الْعَدَمِ. وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ - فِيمَا حَكَاهُ الْبَغَوِيّ عَنْهُ فِي تَعْلِيقِهِ: الطَّرْدُ شَيْءٌ أَحْدَثَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَهُوَ حَمْلُ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ بِغَيْرِ أَوْصَافِ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>