الْمَالِكِيَّةِ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ يَكْتَفُونَ بِمُطْلَقِ الْمُنَاسَبَةِ، وَلَا مَعْنَى لِلْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ إلَّا ذَلِكَ. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ أَسَاسِ الْقِيَاسِ ": قَدْ جَعَلَ الشَّافِعِيُّ اسْتِيلَادَ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ سَعْيًا لِنَقْلِ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ وُرُودِ نَصٍّ فِيهِ، وَلَا وُجُودِ أَصْلٍ مُعَيَّنٍ يَشْهَدُ بِنَقْلِ الْمِلْكِ،
وَالْقَدْرِ الْمُصْلِحِ فِيهِ اسْتِحْقَاقُ الْإِعْفَافِ عَلَى وَلَدِهِ
، وَقَدْ مَسَّتْ حَاجَتُهُ إلَيْهِ فَيَنْقُلُ مِلْكَهُ إلَيْهِ. وَهَذَا كَأَنَّهُ اتِّبَاعُ مَصْلَحَةٍ مُرْسَلَةٍ. وَكَذَا قَالَ فِي الْغَاصِبِ تَكْثُرُ تَصَرُّفَاتُهُ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَنَّ لِمَالِكِهِ إجَازَةَ تَصَرُّفَاتِهِ
إذْ يُعْتَبَرُ اتِّبَاعُ مَصْلَحَةٍ
وَكَذَا قَالَ فِي الْعَامِلَيْنِ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَالْإِجَازَةُ عِنْدَ بُطْلَانِهِ مِنْ الْفُضُولِيِّ، وَلَكِنْ إذَا كَثُرَتْ التَّصَرُّفَاتُ وَظَهَرَ الْعُسْرُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ.
[تَقْسِيمُ الْمُنَاسَبَةِ مِنْ حَيْثُ التَّأْثِيرُ وَالْمُلَاءَمَةُ]
الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ [تَقْسِيمُ الْمُنَاسَبَةِ مِنْ حَيْثُ التَّأْثِيرُ، وَالْمُلَاءَمَةُ]
الْمُنَاسِبُ إمَّا مُؤَثِّرٌ أَوْ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، وَغَيْرُ الْمُؤَثِّرِ إمَّا مُلَائِمٌ أَوْ غَيْرُ مُلَائِمٍ، وَغَيْرُ الْمُلَائِمِ إمَّا غَرِيبٌ أَوْ مُرْسَلٌ أَوْ مَلْغِيٌّ.
الْأَوَّلُ: [الْمُؤَثِّرُ] : وَهُوَ أَنْ يَدُلَّ النَّصُّ أَوْ الْإِجْمَاعُ عَلَى كَوْنِهِ عِلَّةً بِشَرْطِ دَلَالَتِهَا عَلَى تَأْثِيرِ غَيْرِ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، أَوْ نَوْعِهِ فِي نَوْعِهِ، بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ. قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى ": هُوَ تَقْسِيمٌ حَاصِرٌ. وَسُمِّيَ مُؤَثِّرًا لِظُهُورِ تَأْثِيرِ الْوَصْفِ فِي الْحُكْمِ فَالنَّصُّ كَمَسِّ الْمُتَوَضِّئِ ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ عَيْنَ مَسِّ الْمُتَوَضِّئِ ذَكَرَهُ فِي عَيْنِ الْحَدَثِ بِنَصِّهِ عَلَيْهِ. وَالْإِجْمَاعُ: كَالصِّغَرِ، فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ عَيْنَهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ وَهُوَ الْوِلَايَةُ فِي الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ. ثُمَّ قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ وَغَيْرُهُ: قَدْ يَكُونُ الْوَصْفُ مُنَاسِبًا، كَالصِّغَرِ الْمُنَاسِبِ لِلْوِلَايَةِ عَلَى الصَّغِيرِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ مُنَاسِبًا، كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ لِإِيجَابِ الْغُسْلِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute