[الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ كُلُّ مَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْخِيرِ الْبَيَانِ مِنْ عَامٍّ وَغَيْرِهِ حَالَانِ]
الْمَسْأَلَةُ] الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ
كُلُّ مَا يَحْتَاجُ إلَى [تَأْخِيرِ الْبَيَانِ] مِنْ عَامٍّ، وَمُجْمَلٍ، وَمَجَازٍ، وَمُشْتَرَكٍ، وَفِعْلٍ مُتَرَدِّدٍ، وَمُطْلَقٍ لِتَأْخِيرِ بَيَانِهِ حَالَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يُؤَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي إنْ أُخِّرَ الْبَيَانُ عَنْهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْمُكَلَّفُ مِنْ الْمَعْرِفَةِ بِمَا تَضَمَّنَهُ الْخِطَابُ، وَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ، كَالْإِيمَانِ، وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَالْوَدَائِعِ، لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالشَّيْءِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ مُمْتَنِعٌ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَمَنْ جَوَّزَهُ أَجَازَهُ، لَكِنْ لَا يَقَعُ. وَلِهَذَا نُقِلَ إجْمَاعُ أَرْبَابِ الشَّرَائِعِ عَلَى امْتِنَاعِهِ. وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَاجَةِ لَمْ يَسْتَحْسِنْهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ. وَقَالَ: هِيَ عِبَارَةٌ تَلِيقُ بِمَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ بِالْمُؤْمِنِينَ حَاجَةً إلَى التَّكْلِيفِ. قَالَ: فَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ عَلَى مَذْهَبِنَا أَنْ يُقَالَ: تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ وُجُوبِ الْفِعْلِ بِالْخِطَابِ. انْتَهَى. وَهِيَ مُشَاحَّةٌ لَفْظِيَّةٌ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِالْحَاجَةِ كَمَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: تَوَجُّهُ الطَّلَبِ. وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ: هَلْ مَعْنَى التَّأْخِيرِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ تَأْخِيرُهُ عَنْ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْفِعْلُ إلَى زَمَنٍ آخَرَ مُمْكِنٍ؟ أَوْ مَعْنَاهُ تَأْخِيرُهُ إلَى وَقْتٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْفِعْلُ كَالظُّهْرِ مَثَلًا، هَلْ يَجِبُ بَيَانُهَا بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ لَا يَجِبُ إلَّا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا؟ اهـ. وَالْمُرَادُ الثَّانِي كَمَا بَيَّنَّاهُ أَوَّلًا، وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ فِي امْتِنَاعِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ إلَى الْفِعْلِ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ إلَى وَقْتِ الْفِعْلِ، لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَدْ يُؤَخِّرُ النَّظَرَ، وَقَدْ يُخْطِئُ إذَا نَظَرَ، فَهَذَانِ الضَّرْبَانِ لَا خِلَافَ فِيهِمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute