لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَمَلٍ. اهـ. فَجُعِلَ هَذَا مِنْ زَوَائِدِهِ، وَأَقَرَّ الرَّافِعِيَّ عَلَى الْبَحْثِ الثَّانِي هُنَاكَ، وَيَتَحَصَّلُ فِي الْمَسْأَلَةِ مَذَاهِبُ ثَالِثُهَا: إنْ اقْتَرَنَ بِالْبَاءِ وَإِلَّا فَلَا.
[الْمَوْطِنُ الثَّانِي صِدْقَ الْخَبَرِ وَكَذِبَهُ بِمَاذَا يَكُونَانِ]
الْمَوْطِنُ الثَّانِي فِي أَنَّ صِدْقَ الْخَبَرِ وَكَذِبَهُ بِمَاذَا يَكُونَانِ؟ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ صِدْقُ الْخَبَرِ وَكَذِبُهُ بِنَفْسِ الْخَبَرِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِدَلِيلٍ يُضَافُ إلَيْهِ، وَالْمَشْهُورُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْوَاسِطَةِ أَنَّ صِدْقَ الْخَبَرِ مُطَابَقَتُهُ لِلْوَاقِعِ، سَوَاءٌ وَافَقَ الِاعْتِقَادَ أَمْ لَا، وَكَذِبَهُ عَدَمُ مُطَابَقَتِهِ، وَعَنْ صُورَةِ الْجَهْلِ احْتَرَزَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا» ، الْحَدِيثَ. وَقَالَ النَّظَّامُ: صِدْقُهُ مُطَابَقَتُهُ لِاعْتِقَادِ الْمُخْبِرِ، سَوَاءٌ وَافَقَ الْوَاقِعَ أَمْ لَا، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ شَيْئًا فَأَخْبَرَ بِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى خِلَافِ الْوَاقِعِ، يُقَالُ لَهُ: مَا كَذَبَ، وَلَكِنْ أَخْطَأَ، كَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِيمَنْ شَأْنُهُ كَذَلِكَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ تَعَمُّدُ الْكَذِبِ، لَا الْكَذِبُ مُطْلَقًا. الثَّانِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: ١] كَذَّبَهُمْ فِي قَوْلِهِمْ: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: ١] مَعَ كَوْنِهِ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوهُ، فَلَوْ كَانَتْ الْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يُكَذِّبْهُمْ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى: لَكَاذِبُونَ فِي الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ التَّصْدِيقَ بِالْقَلْبِ، فَهِيَ إخْبَارٌ عَنْ اعْتِقَادِهِمْ، وَهُوَ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute