تَبِعَهُ كَالْآمِدِيِّ، وَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى ذِكْرِ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلْفَاعِلِيَّةِ وَالْغَائِيَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا وُضِعَ لِيُبَيِّنَ صُورَةَ الشَّيْءِ، إذْ الصُّورَةُ إنَّمَا هِيَ كَمَالُ وُجُودِ الشَّيْءِ، وَهِيَ أَشْرَفُ مَا بِهِ قِوَامُهُ، فَلِهَذَا وَجَبَ أَنْ تُوجَدَ أَجْزَاءُ الْحَدِّ مِنْ جِهَةِ الصُّورَةِ لَا مِنْ جِهَةٍ غَيْرِهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا أُوجِدَ الْحَدُّ بِجِنْسِهِ وَفَصْلِهِ صُوِّرَ الشَّيْءُ بِصُورَتِهِ الَّتِي هِيَ أَكْمَلُ مِنْ مَادَّتِهِ، وَأَرَدْنَا كَمَالَ الْحَدِّ بِذِكْرِ بَاقِي أَسْبَابِ وُجُودِهِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ تُذْكَرَ فِي الْحَدِّ عَلَى جِهَةِ التَّبَعِ، فَيَكُونُ الْحَدُّ حِينَئِذٍ كَامِلًا قَدْ كَمُلَتْ فِيهِ جَمِيعُ أَسْبَابِ الشَّيْءِ الدَّاخِلَةِ فِي ذَاتِهِ، وَهُمَا مَادَّتُهُ وَصُورَتُهُ، وَالْخَارِجَةُ عَنْ ذَاتِهِ وَهُمَا فَاعِلُهُ وَغَايَتُهُ. وَكَذَا قَالَ الْعَبْدَرِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى ". قَالَ: وَتَرْتِيبُهُ فِيهَا عَلَى تَرْتِيبِهَا فِي السَّبَبِيَّةِ، فَتُؤْخَذُ الصُّورَةُ أَوَّلًا الَّتِي هِيَ أَقْوَى سَبَبَيْ الشَّيْءِ الدَّاخِلَيْنِ فِي ذَاتِهِ، ثُمَّ تُتْبَعُ بِالْمَادَّةِ، ثُمَّ بِالْخَارِجَيْنِ عَنْ ذَاتِهِ. فَيَكُونُ هَذَا الْحَدُّ أَكْمَلَ الْحُدُودِ، وَلَوْ اقْتَصَرْنَا عَلَى صُورَتِهِ لَكَفَى لَكِنَّ هَذَا أَكْمَلُ. انْتَهَى.
[شُرُوطُ صِحَّةِ الْحَدِّ]
[شُرُوطُ صِحَّةِ الْحَدِّ] وَأَمَّا شُرُوطُ صِحَّتِهِ: فَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى اللَّفْظِ، وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَعْنَى. فَمِنْ الْمَعْنَوِيَّةِ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا لِسَائِرِ أَفْرَادِ الْمَحْدُودِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: الِاطِّرَادُ، وَمَانِعًا عَنْ دُخُولِ غَيْرِ الْمَحْدُودِ فِي الْحَدِّ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: الِانْعِكَاسُ. قَالَهُ الْقَرَافِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute