وَقِيلَ: إنَّهُ فَهْمٌ بِالسِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ، وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ كَالْغَزَالِيِّ، وَابْنِ الْقُشَيْرِيّ، وَالْآمِدِيَّ، وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَالدَّلَالَةُ عِنْدَهُمْ مَجَازِيَّةٌ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْأَخَصِّ وَإِرَادَةِ الْأَعَمِّ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا شَرَطُوا كَوْنَ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ بِهِ. قَالَ: وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ دَلَالَتَهُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ لَا مِنْ الْقِيَاسِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ سَامِعَ الْخِطَابِ يُفْهَمُ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ الضَّرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِي طُرُقِ الْقِيَاسِ، وَيُؤْمِنْ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالتَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي " كَشْفِ الْأَسْرَارِ ": ظَنَّ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ هَذَا قِيَاسٌ جَلِيٌّ، وَأَصْلَهُ التَّأْفِيفُ، وَفَرْعَهُ الضَّرْبُ، وَعِلَّتَهُ دَفْعُ الْأَذَى. وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَرْبًا مِنْ الْفُرُوعِ بِالْإِجْمَاعِ. وَقَدْ يَكُونُ فِي هَذَا أَصْلًا بِمَا يَجْعَلُوهُ فَرْعًا، وَلِأَنَّهُ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ شَرْعِ الْقِيَاسِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ مِنْ الدَّلَالَاتِ اللَّفْظِيَّةِ، وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ، وَلِهَذَا احْتَجَّ بِهِ نُفَاةُ الْقِيَاسِ، وَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ نَظَرِيٌّ، وَهَذَا ضَرُورِيٌّ.
قَالَ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ هَلْ يَعْمَلُ عَمَلَ النَّصِّ؟ وَأَنَّهُ هَلْ يَجْرِي فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ؟ .
[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ هَلْ يَجُوزُ النَّسْخُ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَة]
تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: أَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْبُرْهَانِ " فِي كِتَابِ الْقِيَاسِ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مِنْ فَوَائِدِهِ: أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ النَّسْخُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute