الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا. وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ: هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ لِلْوَاجِبِ مِنْ الْمُحَرَّمِ، لِأَنَّ الْإِحْدَادَ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ فَوْقَ الثَّلَاثِ حَرَامٌ، وَعَلَى الزَّوْجِ وَاجِبٌ، وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى الْوَاجِبُ مِنْ الْجَائِزِ، وَالْحَرَامُ مِنْ الْمُبَاحِ، وَيُمْكِنُ الِاحْتِجَاجُ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.
[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ]
يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي " الْمَحْصُولِ " عَنْ بَعْضِهِمْ مَنْعَهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ: حَكَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مَنْعَهُ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْفِعْلُ الْأَوَّلُ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَا يَعْمَلُ عَامِلٌ فِي أَحَدِ الْمَعْمُولَيْنِ.
وَلَنَا قَوْله تَعَالَى: {إِلا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: ٥٩] {إِلا امْرَأَتَهُ} [الحجر: ٦٠] قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: اسْتَثْنَى الْآلُ مِنْ الْقَوْمِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى امْرَأَتَهُ.
قَالَ الْقَاضِي مُجَلِّي فِي " الذَّخَائِرِ " فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ: وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّ الْأَوَّلَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَلَمْ يَحْكِ الزَّجَّاجِيُّ سِوَاهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ} [الحجر: ٥٨] أَيْ لِإِهْلَاكِهِمْ، فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ آلِ لُوطٍ؛ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ الْمُجْرِمِينَ بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مَعْنَاهُ لَكِنَّ آلَ لُوطٍ، فَإِنَّهُمْ مُنَجَّوْنَ. ثُمَّ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute