للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الشَّرْعِيَّةُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَحِينَئِذٍ دَلِيلُهُمْ لَا يَمَسُّ مَحَلَّ النِّزَاعِ وَيَرْجِعُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا.

[النَّهْيُ الَّذِي لِلتَّنْزِيهِ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ]

[النَّهْيُ الَّذِي لِلتَّنْزِيهِ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ] الْأَمْرُ الرَّابِعُ: أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ أَوْ لَا؟ إنَّمَا هُوَ النَّهْيُ الَّذِي لِلتَّحْرِيمِ لِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالتَّحْرِيمِ مِنْ التَّضَادِّ، أَمَّا النَّهْيُ الَّذِي لِلتَّنْزِيهِ، فَقَالَ الْهِنْدِيُّ فِي النِّهَايَةِ ": لَا خِلَافَ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُهُمْ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ انْتَهَى. أَيْ: لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ اقْتِضَائِهِ الْفَسَادَ؛ إذْ لَا تَضَادَّ بَيْنَ الِاعْتِدَادِ بِالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِهِ مَكْرُوهًا، وَعَلَى ذَلِكَ بَنَى أَصْحَابُنَا صِحَّةَ الصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ وَالْمَقْبَرَةِ وَنَحْوِهِ مَعَ الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهَا، لَكِنْ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى " بِجَرَيَانِهِ فِي نَهْيِ الْكَرَاهَةِ.

قَالَ: كَمَا يَتَضَادُّ الْحَرَامُ وَالْوَاجِبُ يَتَضَادُّ الْمَكْرُوهُ وَالْوَاجِبُ حَتَّى لَا يَكُونَ الشَّيْءُ وَاجِبًا مَكْرُوهًا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ مَطْلُوبُ التَّرْكِ، وَالصِّحَّةُ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ طَلَبَ تَرْكِهِ يُوجِبُ عَدَمَ الْإِتْيَانِ بِهِ إذَا وَقَعَ، وَذَلِكَ هُوَ الْفَسَادُ، وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ: إنَّ الْكَرَاهَةَ مَانِعَةٌ مِنْ الصِّحَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ تَحْرِيمًا أَوْ تَنْزِيهًا؛ لِأَنَّهَا تُضَادُّ الْأَمْرَ كَيْفَ كَانَتْ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّرْكِ، وَالْأَمْرُ طَلَبُ الْفِعْلِ، وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا، وَلَا إشْكَالَ لِمَا قَرَّرْنَاهُ. قَالَا: وَمَأْخَذُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ النَّهْيَ هَلْ يَعُودُ إلَى نَفْسِ الصَّلَاةِ أَمْ إلَى خَارِجٍ عَنْهَا؟ وَمِنْ هُنَا حَكَى بَعْضُهُمْ قَوْلَيْنِ فِي أَنَّ نَهْيَ التَّنْزِيهِ إذَا كَانَ لِعَيْنِ الشَّيْءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>