[الْأَمْرُ]
قُدِّمَ الْكَلَامُ فِيهِ عَلَى الْكَلَامِ فِي النَّهْيِ، لِتَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَى النَّفْيِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ طَلَبُ إيجَادِ الْفِعْلِ، وَالنَّهْيُ طَلَبُ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى عَدَمِهِ، فَقُدِّمَ الْأَمْرُ تَقْدِيمَ الْمَوْجُودِ عَلَى الْمَعْدُومِ، وَهُوَ التَّقْدِيمُ بِالشَّرَفِ، وَلَوْ لُوحِظَ التَّقْدِيمُ الزَّمَانِيُّ لَقُدِّمَ النَّهْيُ تَقْدِيمَ الْعَدَمِ عَلَى الْمَوْجُودِ؛ لِأَنَّ الْعَدَمَ أَقْدَمُ. وَجَمَعَهُ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى أَوَامِرَ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ أَنَّهُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ يُطْلَقُ عَلَى أَوَامِرَ، وَبِمَعْنَى الْفِعْلِ عَلَى أُمُورٍ، وَلَمْ يُسَاعِدْهُمْ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ سِوَى الْجَوْهَرِيِّ فِي الصِّحَاحِ "، وَأَمَّا الْأَزْهَرِيُّ فَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ ": الْأَمْرُ ضِدُّ النَّهْيِ وَاحِدُ الْأُمُورِ وَذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ ": أَنَّ الْأَمْرَ لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ أُمُورٍ، وَأَمَّا أَئِمَّةُ النَّحْوِ قَاطِبَةً فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ " فَعْلًا " يُكَسَّرُ عَلَى " فَوَاعِلَ " مَعَ ذِكْرِهِمْ الصِّيَغَ الشَّاذَّةِ وَالْمَشْهُورَةِ.
وَقَدْ تَنَبَّهَ لِهَذَا الْمَوْضِعِ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْإِبْيَارِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ " وَذَكَرَ أَنَّ قَوْلَ الْجَوْهَرِيِّ شَاذٌّ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ. قُلْت: ذَكَرَ ابْنُ جِنِّي فِي كِتَابِ " التَّعَاقُبِ " لَهُ نَظِيرًا، وَعَلَّلَ هَاتَيْنِ اللَّفْظَتَيْنِ أَعْنِي أَوَامِرَ وَنَوَاهٍ بِمَا يُسَوِّغُ إجَازَتَهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْإِبْيَارِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute