للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي التَّعَلُّقِ بِمُنَاقَضَاتِ الْخُصُومِ]

لَخَّصْتُهُ مِنْ كَلَامِ إلْكِيَا: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْمَذَاهِبِ إلَّا بِدَلِيلٍ إجْمَاعِيٍّ أَوْ مُسْتَقِلٍّ مِنْ أَوْضَاعِ الشَّرْعِ وِفَاقًا. وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي التَّعَلُّقِ بِمُنَاقَضَاتِ الْخُصُومِ فِي الْمُنَاظَرَةِ: - فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى جَوَازِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَدَلِ تَضْيِيقُ الْأَمْرِ عَلَى الْخَصْمِ وَإِبَانَةُ اسْتِقَامَةِ أَصْلِهِ. - وَفَصَّلَ الْقَاضِي تَفْصِيلًا حَسَنًا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ الْمُنَاقَضَةُ عَائِدَةً إلَى تَفَاصِيلِ أَصْلٍ لَا يَرْتَبِطُ فَسَادُهَا وَصِحَّتُهَا بِفَسَادِ الْأَصْلِ بِحَالٍ، بَلْ الْأَصْلُ إذَا ثَبَتَ اُسْتُصْحِبَ حُكْمُهُ عَلَى الْفَرْعِ فَلَا يَجُوزُ التَّعَلُّقُ بِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَى الْمَقْصُودِ، وَلَئِنْ قِيلَ: فِيهَا مَقْصُودٌ صَحِيحٌ وَهُوَ اضْطِرَارُ الْخَصْمِ إلَى إبَانَةِ الْحُجَّةِ الَّتِي يُعَوِّلُ الْخَصْمُ عَلَيْهَا فَبِهِ يَتِمُّ النَّظَرُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَأْخَذِ عَلَى هَذَا التَّدْرِيجِ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ التَّعَلُّقُ بِهِ، وَلَكِنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْفَرْعَ فَاسِدٌ لِفَسَادِ نَظَرِ الْخَصْمِ فِيهِ عَلَى الْخُصُوصِ لَا فِي الْأَصْلِ، وَهَذَا يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَلَكِنْ إذَا وُجِدَ كَانَ حُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ كَانَ التَّعَلُّقُ بِالْفَرْعِ مِنْ قَبْلِ امْتِحَانِ الْأَصْلِ بِسِيَاقِهِ وَعَلِمَ أَنَّ الْفَرْعَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْأَصْلِ، فَيَجُوزُ التَّعَلُّقُ بِهِ وِفَاقًا. وَسَبَبُ هَذَا التَّفْصِيلِ أَنَّ الَّذِي يَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَيُفْتَى فِيهَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَصْبِ دَلِيلٍ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ، وَلَنْ يَتَحَقَّقَ نَصْبُ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) الْهُجُومُ عَلَى ذِكْرِ الدَّلِيلِ وَالْبَحْثُ عَنْ الْمَعْنَى، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ. وَ (الثَّانِي) أَنْ يَنْقَدِحَ بِإِبْطَالِ مَذْهَبِ الْخَصْمِ إلَى إثْبَاتِ مَذْهَبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>