للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَادُوا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا يَدُلُّ الْمُبَيَّنُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُبَيَّنُ وَاجِبًا، كَانَ بَيَانُهُ وَاجِبًا، فَغَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ بَيَانَ الْمُجْمَلِ وَاجِبٌ، سَوَاءٌ تَضَمَّنَ فِعْلًا وَاجِبًا أَمْ لَا. وَقَالَ الْهِنْدِيُّ تَبَعًا لِلْمَحْصُولِ ": نُقِلَ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ الْبَيَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَالْمُبَيَّنِ فِي الْحُكْمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ الْمُبَيَّنَ إذَا كَانَ وَاجِبًا، كَانَ بَيَانُهُ وَاجِبًا وَإِلَّا فَلَا، لَا أَنَّهُ بَيَانٌ لِشَيْءٍ وَاجِبٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ، بَلْ يَنْبُو عَنْهُ، وَلَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمُبَيَّنُ مِنْ الْحُكْمِ، حَتَّى يَرِدَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا بَيَانًا لِلْآخَرِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ بَيَانًا لِلْآخَرِ إذَا كَانَ دَالًّا عَلَى صِفَةِ مَدْلُولِ الْآخَرِ، لِأَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ، وَلَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ صِفَاتِ مَدْلُولِ الْمُبَيَّنِ أَوْ نَدْبِيَّتِهِ كَمَا دَلَّ الْمُبَيَّنُ عَلَى أَصْلِ وُجُوبِهِ أَوْ نَدْبِيَّتِهِ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي تَأْوِيلِ مَا نَقَلَ عَنْهُ، لَكِنَّهُ أَيْضًا بَاطِلٌ، لِأَنَّ الْبَيَانَ.

[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمُبَيَّنُ عَلَى الْمُجْمَلِ]

[الْمَسْأَلَةُ] الثَّامِنَةُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمُبَيَّنُ عَلَى الْمُجْمَلِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْقَطَّانِ فِي أُصُولِهِ.

أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، وَخَطَّأَهُ. وَأَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَرِدَ مُقْتَرِنًا وَمُرَتَّبًا، فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ التَّفْسِيرَ يَحْتَاجُ إلَى مُفَسِّرٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُفَسِّرٌ لَمْ يَكُنْ تَفْسِيرٌ. قِيلَ: إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إذَا عَلِمَ مَصْلَحَتَنَا فِي ذَلِكَ جَازَ أَنْ يُقَدَّمَ التَّفْسِيرُ، فَيَجْتَمِعَانِ جَمِيعًا، كَمَا يَرِدُ بَعْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>