للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِي هَذَا عِنْدَ التَّعْدِيلِ بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ شَرْطٌ آخَرُ، وَهُوَ اتِّفَاقُ مَذْهَبِهِ مَعَ مَذْهَبِ الْمُعَدِّلِ فِي الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي التَّزْكِيَةِ، وَإِلَّا فَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُسْلِمَ عَلَى الْعَدَالَةِ، وَيَكْتَفِي بِظَاهِرِ الْحَالِ، فَقَدْ يُزَكِّي مَنْ لَا يَقْبَلُهُ مَنْ يُخَالِفُهُ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ، وَكَذَا إذَا ظَهَرَ فِي مُزَكِّي الرُّوَاةِ أَنَّ هَذَا مَذْهَبٌ لِذَلِكَ الْمُزَكِّي، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ مَنْ يُخَالِفُهُ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ.

[هَلْ يَكْفِي فِي الْجَرْحِ الْمُجْمَلِ]

تَفْرِيعٌ [هَلْ يَكْفِي فِي الْجَرْحِ الْمُجْمَلِ] وَإِذْ ثَبَتَ أَنَّ بَيَانَ السَّبَبِ فِي الْجَرْحِ شَرْطٌ، قَالَ أَصْحَابُنَا وَمِنْهُمْ الصَّيْرَفِيُّ، وَابْنُ فُورَكٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَا فُلَانٌ ضَعِيفٌ، وَلَا لَيِّنٌ، مَاذَا بِالْكَذَّابِ؟ اُسْتُفْسِرَ، وَقِيلَ لَهُ: مَا تَعْنِي؟ أَتَعَمَّدَ الْكَذِبَ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، تُوُقِّفَ فِي خَبَرِهِ وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ الْكَذِبَ لُغَةً يَحْتَمِلُ الْغَلَطَ، وَوَضْعَ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي حَدِيثِ الْوِتْرِ. يَعْنِي: غَلِطَ، وَادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي " شَرْحِ مُسْلِمٍ " أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ الْمُطْلَقُ وُجُوبُ التَّوَقُّفِ عَنْ الْعَمَلِ بِحَدِيثِهِ إلَى أَنْ يُبْحَثَ عَنْ السَّبَبِ. قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَبَقَ، وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ فَلَا أَثَرَ لِلْجَرْحِ الْمُطْلَقِ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ. وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْمُحَدِّثُ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَا إذَا كَانَ الرَّاوِي لَا يُعْلَمُ حَالُهُ، وَلَا وَثَّقَهُ مُوَثِّقٌ. قَالَ: فَيُقْبَلُ فِيهِ الْجَرْحُ وَإِنْ لَمْ يُفَسَّرْ مَا بِهِ جَرْحُهُ؛ لِأَنَّا قَدْ كُنَّا نَتْرُكُ حَدِيثَهُ بِمَا عَدِمْنَا مِنْ مَعْرِفَةِ ثِقَتِهِ. قُلْت: وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا يُسْتَثْنَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>