طَاهِرٌ، وَأَنَّ الْمَاءَ إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ لَا يُنَجَّسُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هَذَا كَلَامُهُ، وَهُوَ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيِّ، وَالرَّازِيِّ، وَقَالَ الْهِنْدِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ كَلَامِ الْخَطِيبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِشُرُوطِ الْعَدَالَةِ، لَمْ يَصْلُحْ لِلتَّزْكِيَةِ.
وَهَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي كِتَابِهِ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ. قَالَ: وَقَدْ أَشَارَ الْقَاضِي إلَى هَذَا فِي، التَّقْرِيبِ " أَيْضًا. وَحَكَاهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ بِلَفْظِ: إنْ كَانَ لَا يُطْلَقُ التَّعْدِيلُ إلَّا بَعْدَ اسْتِقْصَاءٍ، كَمَالِكٍ، فَمُطْلَقُ تَعْدِيلِهِ كَافٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُتَسَاهِلِينَ فَلَا. ثُمَّ قَالَ: وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ الْعَالِمِينَ بِشَرَائِطِ الْعَدَالَةِ فَالظَّنُّ أَنَّهُ اسْتَقْصَى، وَتَقْدِيرُ خِلَافِ ذَلِكَ فِيهِ نِسْبَةٌ إلَى مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ. فَإِنْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّعْدِيلِ، وَكَلَامُنَا فِي التَّعْدِيلِ الْمُطْلَقِ فِيمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّعْدِيلِ، فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: هُوَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّعْدِيلِ إلَّا أَنَّهُ عُرْضَةٌ لِلْغَلَطِ، فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ لَنَا الْمُسْتَنَدَ؛ لِئَلَّا نَكُونَ مُقَلِّدِينَ غَيْرَ مَعْصُومٍ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ إلَّا أَنْ يَسْقُطَ اعْتِبَارُهُ. وَالْإِمَامُ يَقُولُ: الْمُعْتَبَرُ غَلَبَةُ الظَّنِّ، مَتَى حَصَلَتْ، وَإِذَا لَاحَ لَنَا مِنْ حَالِ مِثْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَتَسَاهَلُ، حَصَلَتْ غَلَبَةُ الظَّنِّ، فَيُقَالُ: غَلَبَةُ الظَّنِّ لَا بُدَّ أَنْ تَسْتَنِدَ إلَى ضَابِطِ الشَّرْعِ الْوَاضِحِ، وَقَدْ رَوَيْنَا مَنْ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، وَقَدْ طَعَنَ فِيهِ غَيْرُهُ، مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّهُ مِنْ رِجَالِ الْمُوَطَّإِ، وَقَدْ قَدَحَ فِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حَالِهِ إلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ ذَلِكَ عُسْرًا، كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ. اهـ.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْعُنْوَانِ " وَقَدْ حَكَى هَذَا الْمَذْهَبَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute