للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصَلِّ فِي تَعَارُضِ الْفِعْلَيْنِ]

فَصْلٌ سَنَتَكَلَّمُ فِي بَابِ التَّرْجِيحِ عَلَى تَعَارُضِ الْقَوْلَيْنِ، وَهُنَا عَلَى تَعَارُضِ الْفِعْلَيْنِ؛ لِتَعَلُّقِهِ بِأَحْكَامِ الْأَفْعَالِ وَعَلَى تَعَارُضِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. [تَعَارُضُ الْفِعْلَيْنِ] أَمَّا الْأَوَّلُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْأَفْعَالِ، بِحَيْثُ يَكُونُ الْبَعْضُ مِنْهَا نَاسِخًا لِبَعْضٍ، أَوْ مُخَصِّصًا لَهُ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاجِبًا، وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا عُمُومَ لَهُ، وَتَأَخُّرُ أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ هُوَ النَّاسِخُ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ الْأَوَّلَ لَا يَنْتَظِمُ جَمِيعَ الْأَوْقَاتِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ، هَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى اخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ، وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي كِتَابِ " الْمَحْصُولِ " ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: التَّخْيِيرُ. وَثَانِيهَا: تَقْدِيمُ الْمُتَأَخِّرِ كَالْأَقْوَالِ إذَا تَأَخَّرَ بَعْضُهَا. وَالثَّالِثُ: حُصُولُ التَّعَارُضِ وَطَلَبُ التَّرْجِيحِ مِنْ خَارِجٍ. قَالَ: كَمَا اتَّفَقَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، صُلِّيَتْ عَلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ صِفَةٍ، يَصِحُّ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ خَيَّرَ أَحْمَدُ فِيهَا، وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: يَتَرَجَّحُ بِمَا هُوَ أَقْرَبُ لِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>