للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ فِي عُمُومِهَا قِيلَ: إذَا قُلْت: إذَا قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌو. كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ " كُلَّمَا " وَقِيلَ: إنَّمَا يَلْزَمُ قِيَامَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا. قَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ: وَالْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ كَسَائِرِ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

إذَا وَجَدْت أُوَارَ الْحُبِّ فِي كَبِدِي ... أَقْبَلْت نَحْوَ سِقَاءِ الْقَوْمِ أَنْبَرِدُ

فَإِنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْعُمُومِ كَأَنَّهُ قَالَ: مَتَى وَجَدْت.

[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي غَيْرُ]

غَيْرُ: اسْمٌ لَازِمٌ لِلْإِضَافَةِ فِي الْمَعْنَى، وَيَجُوزُ قَطْعُهُ عَنْهَا إنْ فُهِمَ مَعْنَاهَا وَتَقَدَّمَتْ عَلَيْهَا كَلِمَةُ " لَيْسَ ". قَالَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ فِي الْمُغْنِي " وَقَوْلُهُمْ: لَا غَيْرَ لَحْنٍ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّهُ مَسْمُوحٌ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:

جَوَابًا بِهِ تَنْجُو اعْتَمِدْ فَوَرَبِّنَا ... لَعَنْ عَمَلٍ أَسْلَفْتَ لَا غَيْرَ تُسْأَلُ

وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ ابْنُ مَالِكٍ فِي بَابِ الْقَسَمِ مِنْ شَرْحِ التَّسْهِيلِ " وَكَأَنَّ الشَّيْخَ تَابَعَ السِّيرَافِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ: الْحَذْفُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ إذَا كَانَتْ " إلَّا " وَ " غَيْرُ " بَعْدَ لَيْسَ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ لَيْسَ غَيْرُهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْجَحْدِ لَمْ يَجُزْ الْحَذْفُ، وَلَا يَتَجَاوَزُ بِذَلِكَ مَوْرِدَ السَّمَاعِ. انْتَهَى.

وَقَدْ سُمِعَ كَمَا ذَكَرْنَا وَهِيَ عَكْسُ " لَا " فَإِنَّ شَرْطَ " غَيْرَ " أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَهَا صَادِقًا عَلَى مَا بَعْدَهَا. تَقُولُ: مَرَرْت بِرَجُلٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَلَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>