الثَّانِي: أَنَّ الشَّافِعِيَّ صَنَّفَ كِتَابًا فِي إثْبَاتِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَذَكَرَ فِي أَوَّلِهِ الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ: «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي» فَاعْتَرَضَ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: أَثْبَتَ خَبَرَ الْوَاحِدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالشَّيْءُ لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ، كَمَنْ ادَّعَى شَيْئًا، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ يَشْهَدُ لَك؟ فَقَالَ: أَنَا أَشْهَدُ لِنَفْسِي. قَالَ الْأَصْحَابُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ بَاطِلٌ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَسْتَدِلَّ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ حَدِيثٍ، وَذَكَرَ وُجُوهَ الِاسْتِدْلَالِ فِيهَا، فَالْمَجْمُوعُ هُوَ الدَّالُّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ: وَمَنْ الَّذِي يُنْكِرُ خَبَرَ الْوَاحِدِ، وَالْحُكَّامُ آحَادٌ، وَالْمُفْتُونَ آحَادٌ، وَالشُّهُودُ آحَادٌ.
[مَسْأَلَةٌ إثْبَاتُ أَسْمَاءِ اللَّهِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ]
ِ] اُخْتُلِفَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، هَلْ تَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالصَّحِيحُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي الْمُرْشِدِ "، وَالْآمِدِيَّ فِي الْإِحْكَامِ ": الثُّبُوتُ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِكَوْنِ التَّجْوِيزِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَاطِعِ كَأَصْلِ الصِّفَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute