وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ التَّرْتِيبَ فِي الْحُرُوفِ أَيْ أَنْ تَبْقَى حُرُوفُ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ عَلَى تَرْتِيبِهَا فِي الْأَصْلِ، وَتَرْجِعَ تَفَارِيعُ الْمَادَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهُ إلَى مَعْنًى مُشْتَرَكٍ فِي الْجُمْلَةِ، كَضَرَبَ مِنْ الضَّرْبِ، وَكَمَا دَلَّ قَوْلُنَا إلَى آخَرَ عَلَى تَغَايُرِ اللَّفْظَيْنِ كَذَلِكَ قَوْلُنَا: لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَى تَغَايُرِ الْمَعْنَيَيْنِ، إذْ الشَّيْءُ لَا يُنَاسِبُ نَفْسَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرَدُّ الْمَعْدُولُ لِأَنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْمَعْدُولِ وَالْمَعْدُولِ عَنْهُ فِي الْمَعْنَى.
[فَائِدَةُ الِاشْتِقَاق]
الثَّالِثُ فِي فَائِدَتِهِ وَسَبَقَ صَدْرَ الْبَحْثِ، وَقَالَ ابْنُ الْحُوبِيِّ: فَائِدَتُهُ تَسْهِيلُ السَّبِيلِ عَلَى الْوَاضِعِ وَالْمُتَعَلِّمِ جَمِيعًا، فَإِنَّ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ فِي الْحَقِيقَةِ يَخْتَلِفُ بِالْعَوَارِضِ، فَإِنْ وُضِعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اسْمٌ عَلَى حِدَةٍ مِنْ حُرُوفٍ مُتَبَايِنَةٍ احْتَاجَ الْوَاضِعُ إلَى صِيَغٍ كَثِيرَةٍ، وَالْمُتَعَلِّمُ إلَى حِفْظِ أَفْرَادٍ كَثِيرَةٍ، فَإِذَا قَالَ الْوَاضِعُ: مَا عَلَى وَزْنِ الْفَاعِلِ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ هُوَ لِفَاعِلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَضْعِ الضَّارِبِ وَالْقَاتِلِ وَالشَّاتِمِ، وَالْمُتَعَلِّمُ إذَا عَلِمَ " ضَرَبَ " عَلِمَ " الضَّارِبَ " وَ " الْمَضْرُوبَ " وَالتَّثْنِيَةَ وَالْجَمْعَ وَالتَّذْكِيرَ وَالتَّأْنِيثَ وَالْغَيْبَةَ وَالْحُضُورَ، وَهَذَا هُوَ عُمْدَةُ الْعَرَبِيَّةِ.
[تَقْسِيم الِاشْتِقَاق]
الرَّابِعُ: فِي تَقْسِيمِهِ: وَهُوَ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ وَأَوْسَطُ، فَالْأَصْغَرُ: مَا كَانَتْ الْحُرُوفُ الْأَصْلِيَّةُ فِيهِ مُسْتَوِيَةً فِي التَّرْكِيبِ، نَحْوَ ضَرَبَ يَضْرِبُ فَهُوَ ضَارِبٌ وَمَضْرُوبٌ.
وَالْأَكْبَرُ مَا كَانَتْ الْحُرُوفُ فِيهِ غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ كَالتَّرَاكِيبِ السِّتَّةِ فِي كُلٍّ مِنْ جِهَةِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْقُوَّةِ، فَتُرَدُّ مَادَّةُ اللَّفْظَيْنِ فَصَاعِدًا إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَنَحْوُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute