للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ

إذَا اتَّصَلَتْ " أَيُّ " " بِمَا " كَانَتْ تَأْكِيدًا لِأَدَاةِ الشَّرْطِ، وَزَعَمَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْبُرْهَانِ " فِي بَابِ التَّأْوِيلِ أَنَّ " مَا " الْمُتَّصِلَةَ بِهَا لِلْعُمُومِ فِي نَحْوِ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا» ، فَاعْتَقَدَ أَنَّهَا " مَا " الشَّرْطِيَّةُ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَقَدْ قَارَبَ الْغَزَالِيُّ فِي " الْمُسْتَصْفَى " هُنَاكَ فَجَعَلَهَا مُؤَكِّدَةً لِلْعُمُومِ، هُوَ أَقْرَبُ مِمَّا قَالَهُ الْإِمَامُ إلَى الصَّوَابِ، لَكِنَّ الصَّوَابَ أَنَّهَا تَوْكِيدٌ لِأَدَاةِ الشَّرْطِ، وَهُوَ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ مِنْ التَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ كَأَنَّهُ كَرَّرَ اللَّفْظَ.

[الْحَادِيَ عَشَرَ إلَى آخِرِ الْخَامِسِ عَشَرَ مَتَى وَأَيْنَ وَحَيْثُ وَكَيْفَ وَإِذَا الشَّرْطِيَّةُ]

أَمَّا " مَتَى " فَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْأَزْمَانِ الْمُبْهَمَةِ كُلِّهَا كَمَا قَيَّدَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُبْهَمَةِ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى لِأَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَا لَا يَتَحَقَّقُ وُقُوعُهُ، فَلَا يَقُولُونَ: مَتَى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَائْتِنِي، بَلْ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَهِيَ عَكْسُ إذَا.

وَقِيلَ: " مَتَى " تَقْتَضِي عُمُومَ الْأَزْمِنَةِ، وَلَا تَقْتَضِي تَكْرَارَ الْفِعْلِ، بِدَلِيلِ اسْتِعْمَالِهَا فِيمَا لَا تَكْرَارَ فِيهِ، كَمَا إذَا قِيلَ: مَتَى قَتَلْتَ زَيْدًا؟ وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْهَا تَكْرَارُ الْفِعْلِ، وَلَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا عَلَى التَّحْقِيقِ.

فَإِذَا قَالَ: مَتَى دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَالطَّلَاقُ لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ بِالدُّخُولِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا بِخِلَافِ " كُلَّمَا " فَإِنَّهَا تَقْتَضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>