للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي الِانْتِقَالِ]

وَقَدْ مَنَعَهُ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَإِذَا تَنَقَّلَ فِي الْجَوَابِ مُجَادِلٌ ... دَلَّ الْعُقُولَ عَلَى انْقِطَاعٍ حَاصِرٍ

وَلِأَنَّا لَوْ جَوَّزْنَاهُ لِمَ بَاتَ إفْحَامُ الْخَصْمِ وَلَا إظْهَارُ الْحَقِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَشْرَعُ فِي كَلَامٍ وَيَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُنَاظَرَةِ وَهُوَ إظْهَارُ الْحَقِّ وَإِفْحَامُ الْخَصْمِ. وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا اسْتَفَادَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُتَنَقِّلِ عَنْهُ فَائِدَةً لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَوَّلًا لَمْ تَحْصُلْ لَهُ تِلْكَ الْفَائِدَةُ. ذَكَرَهُ صَاحِبُ " الْإِرْشَادِ ". فَأَمَّا السَّائِلُ لَوْ انْتَقَلَ مِنْ السُّؤَالِ قَبْلَ تَمَامِهِ وَقَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَازِمٌ فَبَانَ خِلَافَهُ فَمَكِّنُونِي مِنْ سُؤَالٍ آخَرَ فَفِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْهُ إذَا كَانَ انْحِدَارًا مِنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَدْنَى. فَإِنْ كَانَ تَرَقِّيًا مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى، كَمَا لَوْ أَرَادَ التَّرَقِّي مِنْ الْمُعَارَضَةِ إلَى الْمَنْعِ فَقِيلَ: لَا يُمْكِنُ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَفْسِهِ. وَقِيلَ: يُمَكَّنُ، لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْإِرْشَادُ.

وَأَمَّا الْمَسْئُولُ فَيُمَكَّنُ مِنْ الْغَرَضِ كَمَا سَيَأْتِي. وَلَوْ أَرَادَ الْعُدُولَ مِنْ دَلِيلٍ إلَى دَلِيلٍ لَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ كَانَ مُنْقَطِعًا. فَإِنْ تَرَكَ الدَّلِيلَ الْأَوَّلَ لِعَجْزِ السَّائِلِ عَنْ فَهْمِهِ لَا يُعَدُّ انْقِطَاعًا. وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَتْ قَضِيَّةُ إبْرَاهِيمَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ -. وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ الِانْتِقَالَ مُطْلَقًا. مُحْتَجًّا بِالِاحْتِجَاجِ عَلَى الْكَافِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>