ذَكَرٍ» . ثُمَّ يَلِيهِ الْخِطَابُ الْمُسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] ، ثُمَّ يَلِيهِ مَا يَرِدُ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَحْوُ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ» ، «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، ثُمَّ الْكِتَابَةُ، ثُمَّ الْإِشَارَةُ بِتَحْرِيكِ الْيَدِ وَالرَّأْسِ، قَالَ: وَرَأَيْت أَصْحَابَنَا يُقَدِّمُونَ مَا وَرَدَ مِنْ الْخِطَابِ الْمُجْمَلِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى مَعْنَاهُ لِلْعُسْرِ فِي اللِّسَانِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْهُ وَمُقَدَّمٌ عَلَيْهِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِنَفْسِهِ وَإِمْكَانُ الْوُصُولِ إلَى الْمُرَادِ بِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ، وَهُمَا قِسْمَانِ مِنْ الْبَيَانِ.
وَأَطْلَقَ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْبَيَانَ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَشَاهِدُهُ حَلْقُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَجِّ فِي أَنَّ اتِّبَاعَ الصَّحَابَةِ لَهُ أَقْوَى مِنْ أَمْرِهِ وَإِذْنِهِ فِيهِ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ. .
[مَسْأَلَةٌ الْبَيَانُ الْوَاجِبُ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
َ -] يَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ بَيَانُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ: وَاجِبِهَا. وَمَنْدُوبِهَا، وَحَرَامِهَا، وَمَكْرُوهِهَا، وَمُبَاحِهَا، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ: مَا كَانَ وَاجِبًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُهُ، أَوْ مَنْدُوبًا فَمَنْدُوبٌ، أَوْ مُبَاحًا فَمُبَاحٌ. قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَهَذَا خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ، لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى وُجُوبِ تَبْلِيغِ جَمِيعِ الشَّرْعِيَّاتِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَكُونَ بَيَانُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمًا، وَهُوَ إلْزَامٌ عَجِيبٌ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ: مَا يَلْزَمُ الرَّسُولَ بَيَانُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَالْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ، وَبِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِعْطَاءِ السَّلَبِ لِلْقَاتِلِ، وَأَنْ لَا يَرِثَ الْقَاتِلُ، وَنَحْوِهِ، يَلْزَمُ بَيَانُهُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى الْعِلْمِ بِهَا إلَّا مِنْهُ، وَفِي لُزُومِ بَيَانِهَا فِي حَقِّ اللَّهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute