للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَطْلُقُ [إنْ] شَاءَتْ أَمْ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَشَاءَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت. قُلْت: وَهَذَا مِنْهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهَا فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ " كَيْفَ ". قِيلَ: إنَّهَا فِي الْأَصْلِ بِمَنْزِلَةِ أَيِّ الِاسْتِفْهَامِيَّة، وَلِهَذَا يُفَسِّرُونَ كَيْفَ شِئْت بِأَيِّ حَالَةٍ شِئْت، فَاسْتُعِيرَتْ لِأَيِّ الْمَوْصُولَةِ بِجَامِعِ الْإِبْهَامِ عَلَى مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ شِئْتهَا مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ سَلَبَ عَنْهَا مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ وَاسْتُعْمِلَتْ اسْمًا لِلْحَالِ، كَمَا حَكَى قُطْرُبٌ: اُنْظُرْ إلَى كَيْفَ تَصْنَعُ؟ أَيْ: إلَى حَالِ صُنْعِهِ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ تَكُونُ كَيْفَ مَنْصُوبَةً بِنَزْعِ الْخَافِضِ. وَذَكَرَ كَثِيرٌ مِنْ النَّحْوِيِّينَ أَنَّهَا تَأْتِي شَرْطًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَالِ، وَالْأَحْوَالُ شُرُوطٌ. وَمُرَادُهُمْ الشَّرْطُ فِي الْمَعْنَى لَا الْعَمَلِ وَهُوَ الْجَزْمُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْزَمُ بِهَا إلَّا إذَا انْضَمَّتْ إلَيْهَا " مَا " نَحْوَ كَيْفَ تَصْنَعْ أَصْنَعْ.

[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي كُلٌّ]

كُلٌّ: تُلَازِمُ الْإِضَافَةَ مَعْنًى، وَلَا يَلْزَمُ إضَافَتُهَا لَفْظًا إذَا وَقَعَ تَوْكِيدًا وَنَعْتًا، وَإِضَافَتُهَا مَنْوِيَّةٌ عِنْدَ تَجَرُّدِهَا عَنْهَا، وَإِذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ الْمَحْذُوفُ مَعْرِفَةً بَقِيَ " كُلٌّ " عَلَى تَعْرِيفِهِ، فَلَا تُبَاشِرُهُ اللَّامُ، وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ فِي قِرَاءَةِ {إنَّا كُلًّا فِيهَا} شَاذٌّ، وَإِنْ أُضِيفَ إلَى نَكِرَةٍ رُوعِيَ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ وَغَيْرِهِ الْمُضَافُ إلَيْهِ، وَإِنْ أُضِيفَ إلَى مَعْرِفَةٍ جَازَ مُرَاعَاةُ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَمُرَاعَاةُ لَفْظِ " كُلٍّ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>