[فَرْعٌ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ فَقَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ]
فَرْعٌ
كَانَ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ، فَقَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ، وَقَعَ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ، قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي " الْبَحْرِ " وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ تَطْلُقُ الْأَرْبَعُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْوَاحِدِ فِي الْأَيْمَانِ قَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجِنْسِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة: ١٨٧] وَأَرَادَ لَيَالِيَ الصِّيَامِ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ مَجَازٌ، وَالْكَلَامُ يُحَالُ عَلَى الْحَقِيقَةِ مَا أَمْكَنَ، وَهُوَ إنَّمَا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى وَاحِدَةٍ، فَلَا يَقَعُ عَلَى الْجَمَاعَةِ.
قُلْت: وَهَذَا الْفَرْعُ مُخَالِفٌ لِتَعْمِيمِ الْمُضَافِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا سَبَقَ، فِي " الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي " مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ التَّعْمِيمُ، وَإِنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الصُّورَةَ وَأَمْثَالَهَا بِنَقْلِ الْعُرْفِ لَهَا عَنْ مَوْضُوعِهَا اللُّغَوِيِّ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَالَ: مَالِي صَدَقَةٌ، فَإِنَّهُ يَعُمُّ، وَمِنْ ثَمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى إبَاحَةِ السَّمَكِ الطَّافِي مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحِلُّ مِيتَتُهُ» .
[تَنْبِيهٌ الْبَعْضُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْجُزْءِ وَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ إذَا أُضِيفَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ]
تَنْبِيهٌ
الْبَعْضُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْجُزْءِ وَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ إذَا أُضِيفَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ، وَإِلَّا لَكَانَ قَامَ بَعْضُ الرِّجَالِ مِثْلَ قَامَ كُلُّهُمْ، كَذَا قَالَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ هَذَا بِبَعْضِ الْمُحَالِ وَهُوَ إذَا لَمْ تَدْعُ إلَى الْعُمُومِ ضَرُورَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: ٥٥] لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَفْضَلَ مِنْ الْآخَرِ. فَإِنْ دَعَتْ كَانَ لِلْعُمُومِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ بِالْقَرِينَةِ لَا بِالْإِضَافَةِ.
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [العنكبوت: ٢٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute