عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مَحْصُورًا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَالَ قَوْمٌ: الْمَحْصُورُ بِالْعَدَدِ لَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، لِأَنَّهُنَّ مَحْصُورَاتٌ بِاسْمِ الْعَدَدِ. وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ هُنَّ مَحْصُورَاتٌ فِي الذِّكْرِ وَلَيْسَ النِّزَاعُ فِيهِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَصْلُ مَحْصُورًا فِي اللَّفْظِ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ. وَنَحْنُ وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةٌ لَكِنَّ الْقِيَاسَ أَوْلَى مِنْ الْمَفْهُومِ.
مَسْأَلَةٌ
وَلَا يُشْتَرَطُ الِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ، بَلْ يَكْفِي انْتِهَاضُ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِمَنْ شَذَّ حَيْثُ اشْتَرَطَهُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: إنْ أَرَادَ بِالِاتِّفَاقِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ كُلِّهَا أَدَّى إلَى إبْطَالِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ نُفَاةَ الْقِيَاسِ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْأُصُولَ غَيْرُ مُعَلَّلَةٍ. وَإِنْ أَرَادَ إجْمَاعَ الْقِيَاسِيِّينَ فَهُمْ بَعْضُ الْأُمَّةِ وَلَيْسَ قَوْلُهُمْ بِدَلِيلٍ.
[مَسْأَلَةٌ تَأْثِيرُ الْأَصْلِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ]
وَلَا يُشْتَرَطُ تَأْثِيرٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى إبْطَالِ بَيْعِ الْغَائِبِ: بَاعَ عَيْنًا لَمْ يَرَ مِنْهَا شَيْئًا. فَوَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ، أَصْلُهُ إذَا بَاعَ النَّوَى فِي التَّمْرِ، فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُكُمْ لَمْ يَرَ مِنْهَا شَيْئًا لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْأَصْلِ، لِأَنَّ بَعْضَ النَّوَى إذَا كَانَ ظَاهِرًا يَرَاهُ، وَبَعْضُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لَا يَصِحُّ أَيْضًا، قُلْنَا: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، وَإِنَّمَا يَكْفِي التَّأْثِيرُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَتَأْثِيرُهُ فِي بَيْعِ الْبِطِّيخِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ فَإِنَّهُ يَرَى بَعْضَهَا وَهُوَ ظَاهِرُهَا دُونَ بَاطِنِهَا وَيَكُونُ بَيْعُهَا صَحِيحًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute