[تَقْسِيمُ الْأَلْفَاظِ تَقْسِيمُ الدَّلَالَةِ]
الْأَوَّلُ: فِي تَقْسِيمِ الدَّلَالَةِ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا، فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا كَوْنُ اللَّفْظِ بِحَيْثُ إذَا أُطْلِقَ فَهِمَ مِنْهُ الْمَعْنَى مَنْ كَانَ عَالِمًا بِوَضْعِهِ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ سِينَا: إنَّهَا نَفْسُ الْفَهْمِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الدَّلَالَةَ نِسْبَةٌ مَخْصُوصَةٌ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى.
وَمَعْنَاهَا مُوجِبِيَّتُهُ تَخَيُّلَ اللَّفْظِ لِفَهْمِ الْمَعْنَى، وَلِهَذَا يَصِحُّ تَعْلِيلُ فَهْمِ الْمَعْنَى مِنْ اللَّفْظِ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ، وَالْعِلَّةُ غَيْرُ الْمَعْلُولِ، فَإِذَا كَانَتْ الدَّلَالَةُ غَيْرَ فَهْمِ الْمَعْنَى مِنْ اللَّفْظِ لَمْ يَجُزْ تَفْسِيرُهَا بِهِ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ التَّعْلِيلَ قَدْ يَكُونُ مَعَ الِاتِّحَادِ كَمَا فِي كُلِّ حَدٍّ مَعَ مَحْدُودِهِ نَحْوَ هَذَا إنْسَانٌ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ.
وَرَجَّحَ آخَرُونَ التَّفْسِيرَ الثَّانِيَ بِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا دَارَ بَيْنَ مُخَاطَبَيْنِ، وَحَصَلَ فَهْمُ السَّامِعِ مِنْهُ قِيلَ: هُوَ لَفْظُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ قِيلَ: لَيْسَ بِذَلِكَ، فَقَدْ دَارَ لَفْظُ الدَّلَالَةِ مَعَ الْفَهْمِ وُجُودًا وَعَدَمًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُسَمَّى الدَّلَالَةِ. وَيَتَلَخَّصُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ خِلَافٌ آخَرُ فِي أَنَّ، الدَّلَالَةَ صِفَةٌ لِلسَّامِعِ أَوْ اللَّفْظِ؟ وَالصَّحِيحُ الثَّانِي. وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ ابْنِ سِينَا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْفَهْمِ الْإِفْهَامُ، وَلَا يَبْقَى خِلَافٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْفَهْمَ صِفَةُ السَّامِعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute