للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْإِعْجَازُ فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ]

تَنْبِيهٌ [الْإِعْجَازُ فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ]

الْإِعْجَازُ يَقَعُ عِنْدَنَا فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ لَا فِي نَفْسِ كَلَامِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَقَاوِيلِ أَصْحَابِنَا كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ فِي " الْمُقْنِعِ ". وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْإِعْجَازَ دَلَالَةُ الصِّدْقِ وَدَلَالَةُ الصِّدْقِ لَا تَتَقَدَّمُ الصِّدْقَ، وَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى أَزَلِيٌّ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْصَرِفَ ذَلِكَ إلَى الْقِرَاءَةِ الْحَادِثَةِ، وَلِأَنَّ الْإِعْجَازَ وَقَعَ فِي النَّظْمِ، وَالنَّظْمُ يَقَعُ فِي الْقِرَاءَةِ، وَكَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ.

فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: ٨٨] فَالْمُرَادُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَحَدَّى بِالسُّورَةِ، وَالسُّورَةُ تَرْجِعُ إلَى الْقُرْآنِ لَا إلَى الْمَقْرُوءِ.

قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى إثْبَاتِ نَفْسِ كَلَامِ اللَّهِ مُعْجِزَةً لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاقْتَدَى بِبَعْضِ سَلَفِنَا فِي ذَلِكَ مِمَّنْ كَانَ يَتَعَاطَى التَّفْسِيرَ. وَالتَّحْقِيقُ: مَا ذَكَرْنَاهُ.

مَسْأَلَةٌ [الْكَلَامُ]

الْكَلَامُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَشْعَرِيَّةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحُرُوفِ الْمَسْمُوعَةِ وَالْمَعْنَى النَّفْسِيِّ، لِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِمَا، وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ، أَمَّا اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعِبَارَاتِ، فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} [المجادلة: ٨] {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: ١٣] وَقِيلَ: حَقِيقَةٌ فِي النَّفْسِيِّ مَجَازٌ فِي اللِّسَانِيِّ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَالثَّلَاثَةُ مَحْكِيَّةٌ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ، حَكَاهَا ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>