وَلِلْبَحْثِ فِيهِ مَحَالٌّ، فَقَدْ نَازَعَ بَعْضُهُمْ الْإِمَامَ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ، وَقَالَ: اللَّفْظُ إذَا أُطْلِقَ عَلَى الْجُمْلَةِ فَإِنَّ التَّضَمُّنَ لِلْجُزْءِ ثَابِتٌ عِنْدَ مُرَادِ الْمُطْلَقِ الْمَعْنَى الْمُرَكَّبَ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ وَغَيْرَهُ، فَإِنَّ مَدْلُولَ اللَّفْظِ هُوَ جُمْلَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَجْزَاءٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا إنَّمَا فُهِمَ ضِمْنًا وَتَبَعًا لِلْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُسْتَعْمِلِ أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ اللَّفْظَ أَيْضًا عَلَى الْجُزْءِ، وَلَكِنْ عِنْدَ دَلَالَتِهِ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ عَلَى ذَلِكَ الْجُزْءِ لَا يَكُونُ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، بَلْ مُسْتَقِلًّا، وَنَحْنُ لَا نُرِيدُ بِدَلَالَةِ التَّضَمُّنِ إلَّا أَنْ يُفْهَمَ الْجُزْءُ تَضَمُّنًا، وَيَكُونُ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَلَا تَكُونُ الدَّلَالَةُ لَفْظِيَّةً لَكِنْ تَبَعِيَّةً، فَإِذَا اسْتَقَلَّتْ خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا تَضَمُّنًا، وَلَمْ يَبْقَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَحِينَئِذٍ فَالْقَيْدُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ.
[أَقْسَامُ اللَّازِمِ]
[التَّنْبِيهُ الثَّانِي] [أَقْسَامُ اللَّازِمِ]
إنَّ اللَّازِمَ عَلَى قِسْمَيْنِ: لَازِمٌ فِي الذِّهْنِ بِمَعْنَى أَنَّ الذِّهْنَ يُنْتَقَلُ إلَيْهِ عِنْدَ فَهْمِ الْمَعْنَى، وَيَلْزَمُ مِنْ تَصَوُّرِ الشَّيْءِ تَصَوُّرُهُ، كَالْفَرْدِيَّةِ لِلثَّلَاثَةِ وَالزَّوْجِيَّةِ لِلْأَرْبَعَةِ سَوَاءٌ كَانَ لَازِمًا فِي الْخَارِجِ أَيْضًا، كَالسَّرِيرِ فِي الِارْتِفَاعِ مِنْ الْأَرْضِ، إذْ السَّرِيرُ كُلَّمَا وُجِدَ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ مُرْتَفِعٌ، وَمَهْمَا تُصَوِّرَ فِي الذِّهْنِ فَهُوَ مُرْتَفِعٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ كَالسَّوَادِ إذَا أُخِذَ بِقَيْدِ كَوْنِهِ ضِدًّا لِلْبَيَاضِ، فَإِنَّ تَصَوُّرَهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ يَلْزَمُهُ تَصَوُّرُ الْبَيَاضِ، فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ فِي الذِّهْنِ مُتَنَافِيَانِ فِي الْخَارِجِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي اللَّازِمِ الْخَارِجِيِّ فَقَطْ كَالسَّرِيرِ مَعَ الْإِمْكَانِ، فَإِنَّهُ مَهْمَا وُجِدَ السَّرِيرُ فِي الْخَارِجِ فَهُوَ مُمْكِنٌ ضَرُورَةً، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ السَّرِيرُ وَيُذْهَلُ عَنْ إمْكَانِهِ، فَافْهَمْ هَذَا التَّقْرِيرَ فَإِنَّهُ الصَّوَابُ، وَفِي عِبَارَاتِهِمْ إيهَامٌ، وَاللَّازِمُ الثَّانِي فِي الْوُجُودِ وَهُوَ كَوْنُ الْمُسَمَّى بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِهِ فِي الْخَارِجِ حُصُولُ الْخَارِجِيِّ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute