[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ يَسْقُطُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِمَنْ فَعَلَهُ أَوَّلًا]
) إذَا أَتَوْا بِهِ عَلَى التَّعَاقُبِ، فَإِنْ فَعَلَهُ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ، ثُمَّ لَحِقَ بِهِمْ آخَرُونَ، سَقَطَ بِالْأَوَّلِينَ، وَوَقَعَ فِعْلُ الْآخَرِينَ فَرْضًا، كَذَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْأَذَانِ مِنْ " التَّحْرِيرِ "، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ. وَفَصَّلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ، فَقَالَ: إنْ لَحِقُوا بِهِمْ قَبْلَ تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ كَانَ مَا فَعَلُوهُ فَرْضًا وَإِنْ حَصَلَتْ الْكِفَايَةُ بِغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ لَمْ تَحْصُلْ بَعْدُ.
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ، وَذَكَرَ لَهُ أَمْثِلَةً. مِنْهَا: أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْعَدُوِّ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِدَفْعِهِمْ، ثُمَّ لَحِقَ بِهِمْ آخَرُونَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ، فَيُكْتَبُ لَهُمْ أَجْرُ الْفَرْضِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ رُتَبُهُمْ فِي الثَّوَابِ لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَكَثْرَتِهِ. وَمِنْهَا: أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْعِلْمِ مَنْ تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ الْوَاجِبَةُ، ثُمَّ مَنْ يَلْحَقُ بِهِ مَنْ يَشْتَغِلُ بِهِ، فَيَكُونُ فَرْضًا؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لَمْ تَكْمُلْ بَعْدُ، وَمِنْهَا: صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَوْ أَحْرَمَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُولَى كَانُوا كَمَنْ صَلَّى دَفْعَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ أَحْرَمُوا بَعْدَهُ. قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: إنَّ الثَّانِيَةَ تَكُونُ فَرْضًا أَيْضًا إذْ لَا تَقَعُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ نَافِلَةً. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ الرُّويَانِيِّ. وَمِنْهَا: لَوْ رَدَّ الْجَمِيعُ السَّلَامَ كَانُوا مُؤَدِّينَ لِلْفَرْضِ سَوَاءٌ كَانُوا مَعًا أَوْ مُتَعَقِّبِينَ صَرَّحُوا بِهِ فِي السِّيَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute