وَهُوَ الْمَطَرُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ غَائِيٌّ لِلْمَطَرِ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» أَيْ مَنْ اُحْتُضِرَ، وَقَوْلُهُ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» . وَجَعَلَ مِنْهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ تَسْمِيَةَ الْفَجْرِ خَيْطًا فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] قَالَ: لِأَنَّهُ يَمْتَدُّ مِنْ الْجَنُوبِ إلَى الشِّمَالِ كَامْتِدَادِ الْخَيْطِ عَلَى الْأُفُقِ أَحَدُ طَرَفَيْهِ فِي الْجَنُوبِ وَالْآخَرُ فِي الشِّمَالِ، وَتَشْبِيهُ سَوْدَاءِ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ بِخَيْطٍ طَرَفُهُ فِي الْأُفُقِ، وَأَعْلَاهُ مِصْعَدٌ فِي السَّمَاءِ وَوَصَفَهُ بِالسَّوَادِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَحِلُّ، فَيَصِيرُ مَكَانَهُ سَوَادُ اللَّيْلِ فَوُصِفَ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الحجر: ٥٣] وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ؛ إذْ لَا يَصِحُّ تَشْبِيهُ اللَّيْلِ الْمُطْبِقِ لِلْآفَاقِ بِالْخَيْطِ، وَلَا يَصِحُّ تَشْبِيهُ طَرَفِهِ الْمُلْتَصِقِ بِبَيَاضِ الْفَجْرِ بِبَيَاضِ الْخَيْطِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَشْبِيهَ بِخِلَافِ الْفَجْرِ الثَّانِي. وَاعْلَمْ أَنَّ الْعِلَّةَ الْغَائِيَّةَ أَقْوَى مِنْ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهَا حَالَ كَوْنِهَا ذِهْنِيَّةً عِلَّةُ الْعِلَلِ، وَحَالُ كَوْنِهَا خَارِجِيَّةً مَعْلُولُهَا فَقَدْ حَصَلَ لَهَا الْعَلَاقَتَانِ.
[الْعَلَاقَةُ الثَّانِيَةُ الْمُسَبَّبِيَّةُ]
ُ: وَهِيَ إطْلَاقُ اسْمِ الْمُسَبَّبِ، عَلَى السَّبَبِ كَتَسْمِيَتِهِمْ الْمَرَضَ الْمُهْلِكَ مَوْتًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute