وَالْإِفْهَامُ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ، أَوْ صِفَةُ اللَّفْظِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، وَهَذِهِ دَلَالَةٌ بِالْقُوَّةِ. أَمَّا الدَّلَالَةُ بِالْفِعْلِ فَهِيَ إفَادَتُهُ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعَ لَهُ.
وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ فِيهِ شُرُوطًا ثَلَاثَةً: أَنْ لَا يَبْتَدِئَهُ بِمَا يُخَالِفُهُ، وَلَا يَخْتِمَهُ بِمَا يُخَالِفُهُ، وَأَنْ يَصْدُرَ عَنْ قَصْدٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِكَلَامِ السَّاهِي النَّائِمِ، وَالْقَصْدُ مِنْ هَذَا: أَنْ يُجْعَلَ سُكُوتُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى كَلَامِهِ كَالْجُزْءِ مِنْ اللَّفْظِ، وَيُلْتَحَقُ بِالْقَرَائِنِ اللَّفْظِيَّةِ، وَهِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ غَيْرُ الدَّلَالَةِ بِاللَّفْظِ، لِأَنَّ الدَّلَالَةَ بِاللَّفْظِ هِيَ الِاسْتِدْلَال بِهِ، هُوَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ، فَهُوَ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ، وَالدَّلَالَةُ صِفَةُ اللَّفْظِ أَوْ السَّامِعِ، وَقَدْ أَطْنَبَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِمَا حَاصِلُهُ هَذَا.
وَهِيَ تَنْقَسِمُ إلَى لَفْظِيَّةٍ وَغَيْرِ لَفْظِيَّةٍ، وَالثَّانِيَةُ قَدْ تَكُونُ وَضْعِيَّةً كَدَلَالَةِ وُجُودِ الْمَشْرُوطِ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ، وَعَقْلِيَّةً كَدَلَالَةِ الْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ كَدَلَالَةِ الدُّخَانِ عَلَى النَّارِ وَبِالْعَكْسِ.
[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ]
وَالْأَوَّلُ: أَعْنِي اللَّفْظِيَّةَ تَنْقَسِمُ إلَى عَقْلِيَّةٍ كَدَلَالَةِ الصَّوْتِ عَلَى حَيَاةِ صَاحِبِهِ، وَطَبِيعِيَّةٍ كَدَلَالَةِ " أَحْ " عَلَى وَجَعٍ فِي الصَّدْرِ، وَوَضْعِيَّةٍ وَتَنْحَصِرُ فِي ثَلَاثَةٍ: الْمُطَابَقَةُ وَالتَّضَمُّنُ وَالِالْتِزَامُ، لِأَنَّ اللَّفْظَ إمَّا أَنْ يَدُلَّ عَلَى تَمَامِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا.
وَالْأَوَّلُ: الْمُطَابَقَةُ كَدَلَالَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْحَيَوَانِ النَّاطِقِ، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ جُزْءَ مُسَمَّاهُ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ دَلَالَةُ التَّضَمُّنِ كَدَلَالَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْحَيَوَانِ وَحْدَهُ أَوْ النَّاطِقِ وَحْدَهُ، وَكَدَلَالَةِ النَّوْعِ عَلَى الْجِنْسِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْ مُسَمَّاهُ وَهِيَ دَلَالَةُ الِالْتِزَامِ لَهُ كَدَلَالَتِهِ عَلَى الْكَاتِبِ أَوْ الضَّاحِكِ، وَدَلَالَةِ الْفَصْلِ عَلَى الْجِنْسِ، وَبِهَذَا التَّقْسِيمِ تَعَرَّفَ حَدُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute