وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ، بَلْ جَوَّزْنَا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَارَ إلَيْهِ لِنَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ وَجَبَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ اقْتَضَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَى مَأْخَذِهِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ إنَّمَا هِيَ فِي كَلَامِ الرَّسُولِ، لَا فِي مَذْهَبِ الرَّاوِي، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى غَيْرِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الرَّاوِي، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَعَدَمُ الِالْتِفَاتِ إلَى مَذْهَبِ الرَّاوِي. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي " الْمَنْخُولِ ": إنْ أَمْكَنَ حَمْلُ مَذْهَبِهِ عَلَى تَقَدُّمِهِ عَلَى الرِّوَايَةِ أَوْ عَلَى نِسْيَانِهِ فُعِلَ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ قَبُولِ الْحَدِيثِ وَإِحْسَانِ الظَّنِّ، وَإِنْ نُقِلَ مُقَيَّدًا أَنَّهُ خَالَفَ الْحَدِيثَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ، فَالْحَدِيثُ مَتْرُوكٌ. وَلَوْ نُقِلَ مَذْهَبُهُ مُطْلَقًا، فَلَا يُتْرَكُ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ. نَعَمْ، يُرَجَّحُ عَلَيْهِ حَدِيثٌ يُوَافِقُهُ مَذْهَبُ الرَّاوِي. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إذَا رَوَى خَبَرًا يَقْتَضِي رَفْعَ الْحَرَجِ، ثُمَّ رَأَيْنَاهُ مُتَحَرِّجًا، فَالِاسْتِمْسَاكُ بِرِوَايَتِهِ وَعَمَلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَرَعِ وَالتَّعَلُّقِ بِالْأَفْضَلِ، وَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ: كُلُّ مَنْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرًا ثُمَّ خَالَفَهُ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُقَيِّدًا لِخَبَرِهِ لِإِمْكَانِ تَأْوِيلِهِ، أَوْ خَبَرٍ يُعَارِضُهُ، أَوْ مَعْنًى بِفَارِقٍ عِنْدَهُ. فَمَتَى لَمْ يَنْكَشِفْ لَنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَمْضَيْنَا الْخَبَرَ حَتَّى نَعْلَمَ خِلَافَهُ.
[مَسْأَلَةٌ رَدُّ الْحَدِيثِ بِطَعْنِ السَّلَفِ فِيهِ]
ِ] وَلَا يَضُرُّهُ طَعْنُ بَعْضِ السَّلَفِ فِيهِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَلِهَذَا رَدُّوا خَبَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute