[خِطَابُ الْوَضْعِ]
قَدْ عَرَفْت أَنَّ الْخِطَابَ كَمَا يَرِدُ بِالِاقْتِضَاءِ وَالتَّخْيِيرِ فَكَذَا يَرِدُ بِالْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ، لِكَوْنِ الشَّيْءِ سَبَبًا، وَشَرْطًا، وَمَانِعًا كَمَا سَبَقَ، فَعَلَى هَذَا لِلَّهِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ رُتِّبَ الْحُكْمُ فِيهَا عَلَى وَصْفٍ أَوْ حِكْمَةٍ حُكْمَانِ:
أَحَدُهُمَا: نَفْسُ الْحُكْمِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْوَصْفِ.
وَثَانِيهِمَا: سَبَبِيَّةُ ذَلِكَ الْوَصْفِ، وَالْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرَةٌ، إذْ صِحَّةُ الْقِيَاسِ فِي الْأَوَّلِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الْقَائِسِينَ، وَفِي الثَّانِي مُخْتَلَفٌ فِيهَا مِلْكُ النِّصَابِ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ
مِثَالُهُ: مِلْكُ النِّصَابِ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ؛ فَالْمِلْكُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَهُوَ ذَاتُ السَّبَبِ، وَكَوْنُهُ سَبَبًا عِبَارَةٌ عَنْ خِطَابِ الشَّارِعِ: إنْ جَعَلْت الْمِلْكَ أَمَارَةَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ عِنْدَ وُجُودِ الْمِلْكِ، وَالْحَوْلِ حُكْمٌ آخَرُ، وَهُوَ الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ الْمَقْصُودُ فِي نَفْسِهِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخِطَابِ الْخِلَافُ فِي ثُبُوتِ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَخْرُجُ عَنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ.
وَضَعَّفَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَيْضًا، لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِإِثْبَانِهِ إنْ أَرَادُوا بِالسَّبَبِيَّةِ أَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute