السَّابِعُ: تَقْيِيدُ الرَّقَبَةِ الْمُطْلَقَةِ بِالْأَيْمَانِ.
[مَسْأَلَةٌ النُّقْصَانُ مِنْ الْعِبَادَةِ هَلْ هُوَ نَسْخٌ لَهَا]
لَا خِلَافَ أَنَّ النُّقْصَانَ مِنْ الْعِبَادَةِ نَسْخٌ لِمَا أُسْقِطَ مِنْهَا، لِأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا فِي جُمْلَةِ الْعِبَادَةِ، ثُمَّ أُزِيلَ وُجُوبُهُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَسْخِ الْبَاقِي فَيَنْظُرُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَيْهِ كَسُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهَا، فَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ لِلْعِبَادَةِ، نَقَلَهُ الْآمِدِيُّ، وَالرَّازِيَّ. لَكِنَّ الْغَزَالِيَّ فِي كَلَامِهِ مَا يُشْعِرُ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ ".
وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا مِنْ شَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى مَذَاهِبَ، أَصَحِّهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ لِلْعِبَادَةِ، وَيَكُونُ بِمَثَابَةِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ. قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا، وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: إلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ الرَّازِيَّ، وَالْآمِدِيَّ، وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " عَنْ الْكَرْخِيِّ. وَقِيلَ: نَسْخٌ لَهَا. وَحَكَاهُ ابْنُ بَرْهَانٍ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ.
وَفَصَلَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بَيْنَ الشَّرْطِ الْمُنْفَصِلِ فَلَا يَكُونُ نَسْخًا لَهَا، فَنَسْخُ الْوُضُوءِ لَا يَنْسَخُ الصَّلَاةَ، وَبَيْنَ الْجُزْءِ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ نَسْخًا لَهَا، وَوَافَقَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْجُزْءِ، وَتَرَدَّدَ فِي الشَّرْطِ، وَصَحَّحَهُ الْقُرْطُبِيُّ، لِأَنَّ الشَّرْطَ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الْمَشْرُوطِ بِخِلَافِ الْجُزْءِ. أَمَّا الْمُنْفَصِلُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، لِأَنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مُنْفَصِلَتَانِ، وَقِيلَ بِهِ مُطْلَقًا لِزَوَالِ إجْزَائِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute