للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قَبُولُ رِوَايَةِ التَّائِبِ عَنْ الْكَذِبِ]

ِ] الرَّابِعَةُ: مَنْ عُرِفَ بِالْكَذِبِ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ لَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يُصَدَّقُ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَكَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ مَالِكٍ، وَأَمَّا إذَا تَعَمَّدَ الْكَذِبَ فِي أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ أَبَدًا، وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ، بِخِلَافِ التَّائِبِ مِنْ الْكَذِبِ فِي حَدِيثِ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَطْلَقَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فِي " شَرْحِهِ لِرِسَالَةِ الشَّافِعِيِّ " كُلُّ مَنْ أَسْقَطْنَا خَبَرَهُ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ بِكَذِبٍ وَجَدْنَاهُ عَلَيْهِ لَمْ نَعُدْ لِقَبُولِهِ بِتَوْبَةٍ تَظْهَرُ مِنْهُ، وَمَنْ ضَعَّفْنَا نَقْلَهُ لَمْ نَجْعَلْهُ قَوِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا فَارَقَتْ فِيهِ الرِّوَايَةُ الشَّهَادَةَ. قَالَ: وَذَكَرَ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ أَنَّ مَنْ يَكْذِبُ فِي خَبَرٍ وَاحِدٍ وَجَبَ إسْقَاطُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ. قُلْت: وَكَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: مَنْ كَذَبَ فِي حَدِيثٍ رُدَّ بِهِ جَمِيعُ أَحَادِيثِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَوَجَبَ نَقْضُ مَا عُمِلَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِضْ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ مَنْ حُدِّثَ فِسْقُهُ، لِأَنَّ الْحَدِيثَ حُجَّةٌ لَازِمَةٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ، فَكَانَ حُكْمُهُ أَغْلَظَ. اهـ. وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ الرَّاوِيَ إذَا كَذَبَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقْبَلْ حَدِيثُهُ أَبَدًا، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: مَنْ قَالَ كَذَبْت فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ فَسَقَ، وَلَمْ يُؤْخَذْ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَدِيثٍ حَدَّثَ بِهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>