[مَسْأَلَةٌ ضَمِيرُ الْجَمْعِ]
مَسْأَلَةٌ
ضَمِيرُ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] وَقَوْلُهُ: أَنْتُمْ لِلْمُخَاطَبِينَ، وَهُمْ لِلْغَائِبِينَ، فَإِنَّهُ ضَمِيرٌ يَرْجِعُ إلَى الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا إنْ سَبَقَ ذِكْرُهُمْ، وَإِلَّا رَجَعَ إلَى الْمَدْلُولِ الَّذِي يَجُوزُ صَرْفُ الضَّمِيرِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ الْخِطَابِ انْصَرَفَ لِلْمُخَاطَبِينَ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ عُمُومَهُ وَخُصُوصَهُ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَفِيهِ دَقِيقَةٌ لَا تَخْفَى، وَهِيَ أَنْ لَا يَدْخُلَهُ التَّخْصِيصُ، لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْكِنَايَةِ عَنْ الْمُرَادِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ عَامًّا كَانَ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا كَانَ حَقِيقَةً، فَلَا يَثْبُتُ التَّخْصِيصُ، لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ خُرُوجِ بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ وَهُوَ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْمُرَادَ، لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْكِنَايَةِ عَنْ الْمُرَادِ، فَلَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ.
وَمِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّ الْكِنَايَةَ تَابِعَةٌ لِلْمُكَنَّى فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ، وَالْهِنْدِيُّ فِي النِّهَايَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ: أَمَّا إذَا قَالَ: افْعَلُوا، فَذَكَرَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي الدَّرْسِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ، وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ: الْأَوْلَى أَنْ يُصْرَفَ إلَى الْمُخَاطَبِينَ، سَوَاءٌ كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَأَطْلَقَ سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ " أَنَّ الْمُطْلَقَاتِ لَا عُمُومَ فِيهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: ٧٥] وَلَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ مَا هُمْ أَوْلَى بِهِ، وَإِنَّمَا يُضْمِرُ فِيهِ فَلَا يُدَّعَى فِيهِ الْعُمُومُ وَلَا الْخُصُوصُ، وَإِنَّمَا يُدَّعَى فِي الْأَلْفَاظِ الظَّاهِرَةِ، وَكَذَلِكَ الْأَعْلَامُ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو لَا عُمُومَ فِيهَا. انْتَهَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute